للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَى الْخُصُوصِ هَهُنَا مَا رُوِّينَاهُ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى مُسْلِمٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ - عَنْ الشَّعْبِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ «انْتَهَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى قَبْرٍ رَطْبٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَصَفُّوا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا»

قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: قُلْت لِعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ: مَنْ حَدَّثَك؟ قَالَ: الثِّقَةُ، مَنْ شَهِدَهُ، ابْنُ عَبَّاسٍ.

فَهَذَا أَبْطَلَ الْخُصُوصَ، لِأَنَّ أَصْحَابَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَعَلَيْهِمْ رِضْوَانُ اللَّهِ صَلَّوْا مَعَهُ عَلَى الْقَبْرِ، فَبَطَلَتْ دَعْوَى الْخُصُوصِ

وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُرْعُرَةَ السَّامِيِّ ثنا غُنْدَرٌ ثنا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ [عَنْ ثَابِتٍ] عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرٍ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ لَا يَسَعُ الْخُرُوجُ عَنْهَا

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ الْمُسْلِمُونَ عَلَى قَبْرِهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَالْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِعْلُ خَيْرٍ، وَالدَّعْوَى بَاطِلٌ إلَّا بِبُرْهَانٍ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْقَبْرِ وَعَلَى الْقَبْرِ مَانِعٌ مِنْ هَذَا

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا عَجَبٌ مَا مِثْلُهُ عَجَبٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُحْتَجَّ بِهَذَا عَكَسَ الْحَقَّ عَكْسًا؛ لِأَنَّهُ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ، أَوْ إلَيْهِ.

أَوْ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَعَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ، فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: كُلُّ هَذَا مُبَاحٌ

وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ بِالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فِي مَنْعِهِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَبْرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>