إمَّا أَنَّهُ تَنَفُّلٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
وَإِمَّا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَوَى أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ اللَّيَالِيَ بِعَشْرَةِ أَيَّامِهَا؟
وَهَذَا حَدِيثٌ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، فَوَقَعَ فِي لَفْظِهِ تَخْلِيطٌ وَإِشْكَالٌ لَمْ يَقَعَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ إلَّا أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُمَا فِي الْمَعْنَى؟ وَهُوَ أَنَّنَا رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ نَفْسَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إذَا كَانَ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ - وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ - قَالَ: مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، فَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ، فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَبَصُرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ إحْدَى وَعِشْرِينَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ بَعْدَ انْقِضَاءِ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَيُنْذِرُ بِسُجُودِهِ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فِيمَا يَسْتَأْنِفُ، وَيَكُونَ ذَلِكَ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ الَّتِي مَضَتْ، فَصَحَّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الرَّاوِي، " حَتَّى إذَا كَانَ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ " أَرَادَ اسْتِقْبَالَ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَبِهَذَا تَتَّفِقُ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute