للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِ الْكَافِرِ مِنْ زَرْعِهِ وَثِمَارِهِ، فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى النِّسَاءِ كَهِيَ عَلَى الرِّجَالِ.

وَهُمْ مُقِرُّونَ بِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَرَضُونَ كَثِيرَةٌ لَا حَقَّ فِيهَا مِنْ زَكَاةٍ وَلَا مِنْ خَرَاجٍ كَأَرْضِ مُسْلِمٍ جَعَلَهَا قَصَبًا وَهِيَ تُغِلُّ الْمَالَ الْكَثِيرَ، أَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَجْعَلْ فِيهَا شَيْئًا، وَكَأَرْضِ ذِمِّيٍّ صَالَحَ عَلَى جِزْيَةٍ رَأْسِهِ فَقَطْ؟ وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَشْهَبُ، وَالشَّافِعِيُّ: إنَّ الْخَرَاجِيَّ الْكَافِرَ إذَا ابْتَاعَ أَرْضَ عُشْرٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَلَا خَرَاجَ فِيهَا وَلَا عُشْرَ.

وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ بِالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَالْبَحْرَيْنِ كَانَتْ لَهُمَا أَرَضُونَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهَا عُشْرًا وَلَا خَرَاجًا. فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ فَذَكَرَ الصَّبِيَّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَالْمَجْنُونَ حَتَّى يُفِيقَ» ؟ قُلْنَا: فَأَسْقَطُوا عَنْهُمَا بِهَذِهِ الْحُجَّةِ زَكَاةَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، وَأُرُوشَ الْجِنَايَاتِ، الَّتِي هِيَ سَاقِطَةٌ بِهَا بِلَا شَكٍّ، وَلَيْسَ فِي سُقُوطِ الْقَلَمِ سُقُوطُ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا فِيهِ سُقُوطُ الْمَلَامَةِ، وَسُقُوطُ فَرَائِضِ الْأَبْدَانِ فَقَطْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

فَإِنْ قَالُوا لَا نِيَّةَ لِمَجْنُونٍ، وَلَا لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ، وَالْفَرَائِضُ لَا تُجْزِئُ إلَّا بِنِيَّةٍ؟

قُلْنَا: نَعَمْ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِأَخْذِهَا الْإِمَامُ وَالْمُسْلِمُونَ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] فَإِذَا أَخَذَهَا مَنْ أُمِرَ بِأَخْذِهَا بِنِيَّةِ أَنَّهَا الصَّدَقَةُ أَجْزَأَتْ عَنْ الْغَائِبِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ، وَمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ؟ وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إيجَابُ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>