فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَلَا مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ فَصَاعِدًا، هَذَا مَنْقُولٌ بِإِجْمَاعٍ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّهَا مَرَّةٌ فِي الْحَوْلِ، فَلَا يَجِبُ فَرْضٌ إلَّا بِنَقْلٍ صَحِيحٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَوَجَدْنَا مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ، أَوْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بِنَقْلِ آحَادٍ وَلَا بِنَقْلِ تَوَاتُرٍ وَلَا بِنَقْلِ إجْمَاعٍ، وَوَجَدْنَا مَنْ أَوْجَبَهَا بِانْقِضَاءِ الْحَوْلِ قَدْ صَحَّ وُجُوبُهَا بِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَئِذٍ بِلَا شَكٍّ؛ فَالْآنُ وَجَبَتْ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ احْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣] .
قُلْنَا: إنَّمَا تَجِبُ الْمُسَارَعَةُ إلَى الْفَرْضِ بَعْدَ وُجُوبِهِ لَا قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَكَلَامُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي أَخَوَاتِهَا إنَّمَا هُوَ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ، فَإِذَا صَحَّ وُجُوبُ الْفَرْضِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْمُسَارَعَةُ إلَى أَدَائِهِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ، بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا قَوْلُنَا: أَنْ يَكُونَ الْحَوْلُ عَرَبِيًّا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ الْحَوْلَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: ٣٦] . وَالْأَشْهُرُ الْحُرُمُ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الشُّهُورِ الْعَرَبِيَّةِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] .
وَقَالَ تَعَالَى: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: ٥] .
وَلَا يُعَدُّ بِالْأَهِلَّةِ إلَّا الْعَامُ الْعَرَبِيُّ؛ فَصَحَّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ شَرِيعَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِالشُّهُورِ أَوْ بِالْحَوْلِ إلَّا بِشُهُورِ الْعَرَبِ، وَالْحَوْلِ الْعَرَبِيِّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؟ .
٦٧١ - مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا تَمَّتْ فِي مِلْكِهِ عَامًا كَمَا ذَكَرْنَا، سَوَاءٌ كَانَتْ كُلُّهَا مَاعِزًا، أَوْ بَعْضُهَا - أَكْثَرُهَا أَوْ أَقَلُّهَا - ضَأْنًا، وَسَائِرُهَا كَذَلِكَ مِعْزَى -: فَفِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ لَا نُبَالِي ضَانِيَةً كَانَتْ أَوْ مَاعِزَةً، كَبْشًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ كِلَيْهِمَا، كُلُّ رَأْسٍ تُجْزِئُ مِنْهُمَا عَنْ الضَّأْنِ، وَعَنْ الْمَاعِزِ؛ وَهَكَذَا مَا زَادَتْ حَتَّى تَتِمَّ مِائَةً وَعِشْرِينَ كَمَا ذَكَرْنَا؟ فَإِذَا أَتَمَّتْهَا وَزَادَتْ لَوْ بَعْضَ شَاةٍ كَذَلِكَ عَامًا كَامِلًا كَمَا ذَكَرْنَا -: فَفِيهَا شَاتَانِ كَمَا قُلْنَا، إلَى أَنْ تَتِمَّ مِائَتَيْ شَاةٍ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute