وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُضَمُّ فَوَائِدُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، إلَى مَا عِنْدَ الْمُسْلِمِ مِنْهَا؛ بَلْ يُزَكَّى كُلُّ مَالٍ بِحَوْلِهِ، حَاشَا رِبْحَ الْمَالِ وَفَوَائِدَ الْمَوَاشِي كُلِّهَا؛ فَإِنَّهَا تُضَمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ وَيُزَكَّى الْجَمِيعُ بِحَوْلِ مَا كَانَ عِنْدَهُ، وَلَوْ لَمْ يُفِدْهَا إلَّا قَبْلَ الْحَوْلِ بِسَاعَةٍ، إلَّا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ فَائِدَةِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْمَاشِيَةِ، مِنْ غَيْرِ الْوِلَادَةِ، فَلَمْ يَرَ أَنْ يُضَمَّ إلَى مَا عِنْدَ الْمَرْءِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا إذَا كَانَ الَّذِي عِنْدَهُ مِنْهَا مِقْدَارًا تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا.
وَرَأَى أَنْ تُضَمَّ وِلَادَةُ الْمَاشِيَةِ خَاصَّةً إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْهَا، سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي عِنْدَهُ مِنْهَا تَجِبُ فِي مِقْدَارِهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَا تَجِبُ فِي مِقْدَارِهِ الزَّكَاةُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تُضَمُّ فَائِدَةٌ أَصْلًا إلَى مَا عِنْدَهُ، إلَّا أَوْلَادَ الْمَاشِيَةِ فَقَطْ، فَإِنَّهَا تُعَدُّ مَعَ أُمَّهَاتِهَا، وَلَوْ لَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ بِهَا إلَّا قَبْلَ الْحَوْلِ بِسَاعَةٍ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ نِصَابًا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ نَقَصَتْ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ: فَلَا زَكَاةَ فِيهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا تَنَاقُضُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَتَقْسِيمِهِمَا فَلَا خَفَاءَ بِهِ، لِأَنَّهُمَا قَسَّمَا تَقْسِيمًا لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَهُ هَاهُنَا أَيْضًا تَنَاقُضٌ أَشْنَعُ مِنْ تَنَاقُضِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَنَّهُ رَأَى أَنْ يُرَاعَى أَوَّلُ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ دُونَ وَسَطٍ، وَرَأَى أَنْ تُعَدَّ أَوْلَادُ الْمَاشِيَةِ مَعَ أُمَّهَاتِهَا وَلَوْ لَمْ تَضَعْهَا إلَّا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي بِسَاعَةٍ، ثُمَّ رَأَى فِي أَرْبَعِينَ خَرُوفًا صِغَارًا وَمَعَهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ مُسِنَّةٌ أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ، وَهِيَ تِلْكَ الْمُسِنَّةُ فَقَطْ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مُسِنَّةٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ مِائَةُ خَرُوفٍ وَعِشْرُونَ خَرُوفًا صِغَارًا كُلَّهَا وَمَعَهَا مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ.
قَالَ: إنْ كَانَ فِيهَا مُسِنَّتَانِ فَصَدَقَتُهَا تَانِكَ الْمُسِنَّتَانِ مَعًا، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُمَا إلَّا مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا تِلْكَ الْمُسِنَّةِ وَحْدَهَا فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مُسِنَّةٌ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ أَصْلًا.
وَهَكَذَا قَالَ فِي الْعَجَاجِيلِ وَالْفُصْلَانِ أَيْضًا، وَلَوْ مَلَكَهَا سَنَةً فَأَكْثَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute