قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوُجُوهٍ:
أَوَّلُهَا - أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَهُ.
وَالثَّانِي -
أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذَا غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ ثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ لَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِ زَكَاةٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ -: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: لَا يُزَكَّى حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ: تَعْنِي الْمَالَ الْمُسْتَفَادَ -: وَبِهِ إلَى سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
وَبِهِ إلَى سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
فَهَذَا عُمُومٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَائِشَةَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، لَمْ يَخُصُّوا فَائِدَةَ مَاشِيَةٍ بِوِلَادَةٍ مِنْ سَائِرِ مَا يُسْتَفَادُ؛ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ أَوْلَادَ الْمَاشِيَةِ إلَّا كَانَ كَاذِبًا عَلَيْهِمْ، وَقَائِلًا بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَمْ يَقُولُوهُ قَطُّ؟ وَأَيْضًا - فَإِنَّ الَّذِينَ حَكَى عَنْهُمْ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا أَنْ يَعُدَّ عَلَيْهِمْ أَوْلَادَ الْمَاشِيَةِ مَعَ أُمَّهَاتِهَا -: قَدْ كَانَ فِيهِمْ بِلَا شَكٍّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ سُفْيَانَ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَيَّامَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِيَ الْأَمْرَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ، وَبَقِيَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانُوا بِالطَّائِفِ، وَأَهْلُ الطَّائِفِ أَسْلَمُوا قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَحْوِ عَامٍ وَنِصْفٍ وَرَأَوْهُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute