عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ النُّفَيْلِيُّ ثنا عُبَادٍ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابَ الصَّدَقَةِ، فَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَى عُمَّالِهِ حَتَّى قُبِضَ، وَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ، فَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ، ثُمَّ عَمِلَ بِهِ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ، فَكَانَ فِيهِ: فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَفِيهِ «فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ» .
وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ، وَلَوْ صَحَّتْ تِلْكَ الْأَخْبَارُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إلَّا «فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ» لَكَانَ هَذَانِ الْخَبَرَانِ الصَّحِيحَانِ زَائِدَيْنِ عَلَيْهَا حُكْمًا فِي أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ؛ فَتِلْكَ غَيْرُ مُخَالِفَةٍ لِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ، وَهَذَانِ الْخَبَرَانِ زَائِدَانِ عَلَى تِلْكَ؛ فَلَا يَحِلُّ خِلَافُهُمَا، وَالْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُمْ قَالُوا: لِمَا وَجَبَ فِي الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ، ثُمَّ وَجَدْنَا الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا لَا حُكْمَ لَهَا فِي نَفْسِهَا، إذْ كُلُّ أَرْبَعِينَ قَبْلهَا فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ عَلَى قَوْلِكُمْ؛ إذْ تَجْعَلُونَ فِيمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ -: فَإِذَا لَا حُكْمَ لَهَا فِي نَفْسِهَا فَأَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا - حُكْمٌ فِي غَيْرِهَا، فَكُلُّ زِيَادَةٍ قَبْلَهَا تَنْقُلُ الْفَرْضَ فَلَهَا حِصَّةٌ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَهَذِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا بِكَلَامِ الْمَمْرُورِينَ، أَوْ بِكَلَامِ الْمُسْتَخِفِّينَ بِالدِّينِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِكَلَامِ مَنْ يَعْقِلُ وَيَتَكَلَّمُ فِي الْعِلْمِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ فَاسِدَةٌ، وَلَا أَثَرٌ عَنْ صَاحِبٍ وَلَا تَابِعٍ، وَلَا قِيَاسُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا رَأْيٌ لَهُ وَجْهُ يُفْهَمُ ثُمَّ يُقَالُ: قَدْ كَذَبْتَ فِي وَسْوَاسِك هَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ أَرْبَعِينَ فِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ لَا تَجِبُ فِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أَصْلًا، وَلَا تَجِبُ فِيهَا مُجْتَمِعَةً ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَإِنَّمَا فِيهَا حِقَّتَانِ فَقَطْ، حَتَّى إذَا زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةً فَصَاعِدًا إلَى أَنْ تُتِمَّ ثَلَاثِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute