للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْتَجُّوا بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَيُصَحِّحُونَهُمَا، إذَا وَجَدُوا فِيهِمَا مَا يُوَافِقُ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَيُحِلُّونَهُ طَوْرًا وَيُحَرِّمُونَهُ طَوْرًا وَاعْتَرَضُوا فِيهِمَا بِأَنَّ ابْنَ مَعِينٍ ضَعَّفَهُمَا وَلَيْتَ شِعْرِي مَا قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِي صَحِيفَةِ ابْنِ حَزْمٍ، وَحَدِيثِ عَلِيٍّ؟ مَا نَرَاهُ اسْتَجَازَ الْكَلَامَ بِذِكْرِهِمَا، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَشْتَغِلَ بِتَضْعِيفِهِمَا؟ وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ بَعْضَ مُقَدِّمِيهِمْ - الْمُتَأَخِّرِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى - قَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ حَقًّا لَأَخْرَجَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى عُمَّالِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا قَوْلُ الرَّوَافِضِ فِي الطَّعْنِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ فِي الْعَمَلِ بِهِ: نَعَمْ، وَعَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ نُسِبَتْ إلَيْهِ كُتُبُ الْبَاطِلِ وَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ ثُمَّ كَتَمَهُ، وَعَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ؛ فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ وَقَدْ خَالَفُوا فِي هَذَا الْمَكَانِ النُّصُوصَ وَالْقِيَاسَ؟ فَهَلْ وَجَدُوا فَرِيضَةً تَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهَا؟ وَهَلْ وَجَدُوا فِي أَوْقَاصِ الْإِبِلِ وَقْصًا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ؟ إذْ لَمْ يَجْعَلُوا بَعْدَ الْإِحْدَى وَالتِّسْعِينَ حُكْمًا زَائِدًا إلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.

وَهَلْ وَجَدُوا فِي شَيْءٍ مِنْ الْإِبِلِ حُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي إبِلٍ وَاحِدَةٍ، بَعْضُهَا يُزَكَّى بِالْإِبِلِ وَبَعْضُهَا يُزَكَّى بِالْغَنَمِ؟ وَهُمْ يُنْكِرُونَ أَخْذَ زَكَاةٍ عَمَّا أُصِيبَ فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذُوا حِقَّيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي مَالٍ وَاحِدٍ وَهُمْ قَدْ جَعَلُوا هَاهُنَا -: بِرَأْيِهِمْ الْفَاسِدِ - فِي مَالٍ وَاحِدٍ حِقَّيْنِ: أَحَدُهُمَا إبِلٌ؛ وَالثَّانِي غَنَمٌ؟ وَهَلَّا إذْ رَدُّوا الْغَنَمَ وَبِنْتَ الْمَخَاضِ بَعْدَ إسْقَاطِهِمَا رَدُّوا أَيْضًا فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ زَائِدَةً عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ بِنْتَ اللَّبُونِ؟ فَإِنْ قَالُوا: مَنَعَنَا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ» .

قِيلَ لَهُمْ: فَهَلَّا مَنَعَكُمْ مِنْ رَدِّ الْغَنَمِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ» ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>