للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهَا إلَّا حَيْثُ اُجْتُمِعَ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا؛ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ؟ وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الزَّكَاةَ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ مَرَّةً فِي الدَّهْرِ بِأَنْ قَالَ: قَدْ صَحَّتْ الزَّكَاةُ فِيهَا بِالنَّصِّ الْمُجْمَلِ، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِأَنْ تُكَرَّرَ الزَّكَاةُ فِيهَا فِي كُلِّ عَامٍ، فَوَجَبَ تَكَرُّرُ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ؛ وَلَمْ يَجِبْ التَّكْرَارُ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ، لَا بِنَصٍّ وَلَا بِإِجْمَاعٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا حُجَّةُ مَنْ احْتَجَّ بِكَثْرَةِ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ؛ وَبِأَنَّهُ قَوْلُ أَرْبَعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يُعْرَفُ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ -: فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ثُمَّ نَقُولُ لِلْحَنَفِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ فِي احْتِجَاجِهِمْ بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَإِنَّ الْحَنَفِيِّينَ نَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، إذْ قَالُوا بِزَكَاةِ خَمْسِينَ بَقَرَةً بِبَقَرَةٍ وَرُبُعٍ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ إلَّا عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَتَقْسِيمِهِمْ فِي الْمَيْتَاتِ تَقَعُ فِي الْبِئْرِ فَتَمُوتُ فِيهِ، فَلَا يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا قَسَّمَهُ قَبْلَهُمْ، وَتَقْدِيرِهِمْ الْمَسْحَ فِي الرَّأْسِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ مَرَّةً وَبِرُبُعِ الرَّأْسِ مَرَّةَ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الْهَوَسُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمْ، وَلَوَدِدْنَا أَنْ نَعْرِفَ بِأَيِّ الْأَصَابِعِ هِيَ؟ أَمْ بِأَيِّ خَيْطٍ يُقَدَّرُ رُبُعُ الرَّأْسِ؟ وَإِجَازَتِهِمْ الِاسْتِنْجَاءَ بِالرَّوْثِ؛ وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا أَجَازَهُ قَبْلَهُمْ، وَتَقْسِيمِهِمْ فِيمَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْجَوْفِ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمْ، وَقَوْلِهِمْ فِي صِفَةِ صَدَقَةِ الْخَيْلِ، وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمْ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا؛ وَخِلَافِهِمْ لِكُلِّ رِوَايَةٍ جَاءَتْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَخِلَافِهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو حَثْمَةَ، وَابْنَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ فِي تَرْكِ مَا يَأْكُلُهُ الْمَخْرُوصُ عَلَيْهِ مِنْ التَّمْرِ، وَمَعَهُمْ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ بِيَقِينٍ، لَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ - وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا وَكَذَلِكَ نَسِيَ الشَّافِعِيُّونَ أَنْفُسَهُمْ فِي تَقْسِيمِهِمْ مَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ، وَتَحْدِيدِهِمْ مَا يَنْجَسُ مِنْ الْمَاءِ مِمَّا لَا يَنْجَسُ بِخَمْسِمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ وَمَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمْ، وَخِلَافُهُمْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>