وَهَلَّا اسْتَعْمَلَ الْحَنَفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ هَذَا الْعَمَلَ حَيْثُ كَانَ يَلْزَمُهُمْ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] فَقَالُوا: وَكَذَلِكَ مَنْ قَتَلَهُ مُخْطِئًا؟ وَلَعَمْرِي إنَّ قِيَاسَ غَيْرِ السَّائِمَةِ عَلَى السَّائِمَةِ لَأَشْبَهَ مِنْ قِيَاسِ قَاتِلِ الْخَطَأِ عَلَى قَاتِلِ الْعَمْدِ وَحَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] فَقَالُوا: نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حُجُورِنَا وَمِثْل هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا، لَا يَتَثَقَّفُونَ فِيهِ إلَى أَصْلٍ فَمَرَّةٌ يَمْنَعُونَ مَنْ تَعَدَّى مَا فِي النَّصِّ حَيْثُ جَاءَ نَصٌّ آخَرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ، وَمَرَّةٌ يَتَعَدَّوْنَ النَّصَّ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ آخَرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَهُمْ أَبَدًا يَعْكِسُونَ الْحَقَائِقَ.
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَخَذُوا بِجَمِيعِ النُّصُوصِ، وَلَمْ يَتْرُكُوا بَعْضَهَا لِبَعْضِ، وَلَمْ يَتَعَدَّوْهَا إلَى مَا لَا نَصَّ فِيهِ -: لَكَانَ أَسْلَمَ لَهُمْ مِنْ النَّارِ وَالْعَارِ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا جُعِلَتْ عَلَى مَا فِيهِ النَّمَاءُ؛ فَبَاطِلٌ، وَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلَا تَنْمِي أَصْلًا، وَلَيْسَتْ فِي الْحَمِيرِ، وَهِيَ تَنْمِي، وَلَا فِي الْخَضَرِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَهِيَ تَنْمِي؟ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَوَامِلَ مِنْ الْبَقَرِ، وَالْإِبِلِ تَنْمِي أَعْمَالُهَا وَكِرَاؤُهَا، وَتَنْمِي بِالْوِلَادَةِ أَيْضًا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَهَا مُؤْنَةٌ فِي الْعَلَفِ؟ قُلْنَا: وَلِلسَّائِمَةِ مُؤْنَةُ الرَّاعِي وَأَنْتُمْ لَا تَلْتَفِتُونَ إلَى عَظِيمِ الْمُؤْنَةِ وَالنَّفَقَةِ فِي الْحَرْثِ، وَإِنْ اسْتَوْعَبَتْهُ كُلَّهُ؛ بَلْ تَرَوْنَ الزَّكَاةَ فِيهِ، وَلَا تُرَاعُونَ الْخَسَارَةَ فِي التِّجَارَةِ، بَلْ تَرَوْنَ الزَّكَاةَ فِيهَا فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute