للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ حُكْمَ الْخُلْطَةِ إلَّا فِي الْمَوَاشِي فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُغَلِّسِ مِنْ أَصْحَابِنَا؟ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تُحِيلُ الْخُلْطَةُ حُكْمَ الزَّكَاةِ أَصْلًا، لَا فِي الْمَاشِيَةِ، وَلَا فِي غَيْرِهَا؛ وَكُلُّ خَلِيطٍ لِيُزَكِّيَ مَا مَعَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا، وَلَا فَرْقَ، فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةُ خُلَطَاءَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَعَلَيْهِمْ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَهُمْ خُلَطَاءُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَشَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ نَجِدْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَةً لِأَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَوَجَدْنَا أَقْوَالًا عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ، وَابْنِ هُرْمُزٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، فَقَطْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا كَانَ الْخَلِيطَانِ يَعْلَمَانِ أَمْوَالَهُمَا فَلَا تُجْمَعُ أَمْوَالُهُمَا فِي الصَّدَقَةِ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا لِعَطَاءٍ مِنْ قَوْلِ طَاوُوسٍ فَقَالَ: مَا أَرَاهُ إلَّا حَقًّا، وَرُوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: إذَا كَانَ رَاعِيهِمَا وَاحِدًا، وَكَانَتْ تَرِدُ جَمِيعًا - وَتَرُوحُ جَمِيعًا - صُدِّقَتْ جَمِيعًا؟ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ الْإِبِلَ إذَا جَمَعَهَا الرَّاعِي وَالْفَحْلُ وَالْحَوْضُ تُصَدَّقُ جَمِيعًا ثُمَّ يَتَحَاصُّ أَصْحَابُهَا عَلَى عِدَّةِ الْإِبِلِ فِي قِيمَةِ الْفَرِيضَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْإِبِلِ، فَإِنْ كَانَ اسْتَوْدَعَهُ إيَّاهَا لَا يُرِيدُ مُخَالَطَتَهُ وَلَا وَضْعَهَا عِنْدَهُ يُرِيدُ نِتَاجَهَا - فَإِنَّ تِلْكَ تُصَدَّقُ وَحْدَهَا؟ وَعَنْ ابْنِ هُرْمُزَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا بِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ -: فَقَالَ مَنْ رَأَى أَنَّ الْخُلْطَةَ تُحِيلُ الصَّدَقَةَ وَتَجْعَلُ مَالَ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا بِمَنْزِلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>