للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَكَاةِ الْإِبِلِ.

وَاحْتِجَاجُهُمْ بِمَا لَيْسَ مِنْهَا وَخَالَفُوا الزُّهْرِيَّ أَيْضًا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ زَكَاةِ الذَّهَبِ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا تَلَاعُبٌ بِالدِّيَانَةِ وَبِالْحَقَائِقِ وَبِالْعُقُولِ -: وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ - الَّذِي خَتَمْنَا بِهِ - فَصَحِيحٌ مُسْنَدٌ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ فِيهِ «قَدْ عَفَوْتُ عَنْ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ» وَهُمْ يَرَوْنَ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ، وَاَلَّتِي لِلتِّجَارَةِ، وَفِي الرَّقِيقِ الَّذِي لِلتِّجَارَةِ.

وَمِنْ الشَّنَاعَةِ احْتِجَاجُهُمْ بِحَدِيثٍ هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ فِي نَصِّ مَا فِيهِ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يَقُولُونَ لِوَجْهَيْنِ -: أَحَدُهُمَا أَنَّ نَصَّهُ «هَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ» . وَنَعَمْ، هَكَذَا هُوَ؛ لِأَنَّ فِي الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعِينَ مُكَرَّرَةً خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّ فِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا [زَائِدًا] دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إسْقَاطُ الزَّكَاةِ عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ زَائِدَةً عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ -: وَأَيْضًا فَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الصَّاحِبَ إذَا رَوَى خَبَرًا ثُمَّ خَالَفَهُ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ الْخَبَرِ.

كَمَا ادَّعَوْا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ - كَمَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَالزَّكَاةُ فِيهِ بِحِسَابِ الْمِائَتَيْنِ، فَلَوْ كَانَ فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَمَّا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ لَكَانَ قَوْلُ عَلِيٍّ بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِمَا مُسْقِطًا لِمَا رَوَى مِنْ ذَلِكَ وَالْقَوْمُ مُتَلَاعِبُونَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَسَقَطَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ الْآثَارِ، وَعَادَتْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ كَمَا أَوْرَدْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: قَدْ صَحَّتْ الزَّكَاةُ فِي الْأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَتَيْنِ بِإِجْمَاعٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>