للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعْمَرُ: عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، ثُمَّ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: بَعَثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الْأَبِلَةِ فَأَخْرَجَ إلَيَّ كِتَابًا مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " خُذْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا وَمِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمًا ". فَهَذَا أَنَسٌ، وَعُمَرُ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ يُمْكِنُ؛ فَإِنْ تَأَوَّلُوا فِيهِ تَأْوِيلًا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ فَمَا هُمْ بِأَقْوَى عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ فِيمَا يَحْتَجُّونَ بِهِ، وَمَا يَعْجِزُ أَحَدٌ عَنْ أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ فِي الْعِشْرِينَ دِينَارًا بِنِصْفِ دِينَارٍ كَمَا أَمَرَ فِي الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ كُلِّ رَأْسٍ -: إذَا طَابَتْ نَفْسُ مَالِكِ كُلِّ ذَلِكَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا الْخَبَرُ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فَمُرْسَلٌ؛ وَلَا يَأْخُذُ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ، وَلَا الشَّافِعِيُّونَ، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ حُجَّةً فِي بَعْضِ حُكْمِهِ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ حُجَّةً فِي بَعْضِهِ، وَالْمُسَامَحَةُ فِي الدِّينِ هَلَاكٌ وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ نَفْسِهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً قَدْ ذَكَرْنَاهَا -: مِنْهَا: فِي كُلِّ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسًا مِنْ الْغَنَمِ، وَكُلُّهُمْ مُخَالِفٌ لِهَذَا.

وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عَلِيٍّ حُجَّةً فِي مَكَان غَيْرَ حُجَّةٍ فِي آخَرَ؟ فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ آثَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.

ثُمَّ حَتَّى لَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: لَكَانُوا مُخَالِفِينَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ يَقُولُونَ: إنْ كَانَتْ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ فَفِيهَا الصَّدَقَةُ، وَكُلُّ هَذِهِ الْآثَارِ تُبْطِلُ الزَّكَاةَ عَنْ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا؛ وَهُمْ يُوجِبُونَهَا فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا؛ فَصَارَتْ كُلُّهَا حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَعَادَ مَا صَحَّحُوا مِنْ ذَلِكَ قَاطِعًا بِهِمْ أَقْبَحَ قَطْعٍ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ وَالْمَالِكِيُّونَ: يُوجِبُونَهَا فِي عِشْرِينَ دِينَارًا نَاقِصَةً إذَا جَازَتْ جَوَازَ الْمُوَازَنَةِ، وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>