للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيَاسٌ يُعْقَلُ، وَلَا رَأْيٌ سَدِيدٌ وَإِنَّمَا هِيَ دَعْوَى فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؟ وَأَيْضًا: فَإِذْ صَحَّحْتُمُوهَا فَاجْمَعُوا بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي الزَّكَاةِ، لِأَنَّهُمَا يُؤْكَلَانِ وَتُشْرَبُ أَلْبَانُهُمَا، وَيُجْزِئُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ فِي الْهَدْيِ نَعَمْ، وَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْغَنَمِ فِي الزَّكَاةِ، لِأَنَّهَا كُلَّهَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيّ وَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَإِنْ قِيلَ: النَّصُّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؟ قُلْنَا: وَالنَّصُّ فَرَّقَ بَيْنَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فِي الزَّكَاةِ، لَا يَخْلُو الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ مِنْ أَنْ يَكُونَا جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ جِنْسَيْنِ، فَإِنْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا فَحَرَّمُوا بَيْعَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا، وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ لَا يَجُوزُ، إلَّا بِنَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُمْ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ فِي الزَّكَاةِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ هَذَا، لِأَنَّهُمَا قُوتَانِ حُلْوَانِ فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ بِيَقِينٍ؟ وَأَيْضًا: فَيَلْزَمُ مَنْ رَأَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِالْقِيمَةِ أَنْ يُزَكِّيَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا فَقَدْ شَاهَدْنَا الدِّينَارَ يَبْلُغُ بِالْأَنْدَلُسِ أَزْيَدَ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ شَنِيعٌ جِدًّا وَيَلْزَمُ مَنْ رَأَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِتَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الذَّهَبُ رَخِيصًا أَوْ غَالِيًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الذَّهَبَ عَنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةَ بِالْقِيمَةِ.

أَوْ تُخْرَجُ الْفِضَّةُ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا ضِدُّ مَا جَمَعَ بِهِ بَيْنَهُمَا، فَمَرَّةً رَاعَى الْقِيمَةَ لَا الْأَجْزَاءَ، وَمَرَّةً رَاعَى الْأَجْزَاءَ لَا الْقِيمَةَ، فِي زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا خَطَأٌ بِيَقِينٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: بَلْ أَجْمَعُ الذَّهَبَ مَعَ الْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ وَأُخْرِجُ عَنْهُمَا أَحَدَهُمَا بِمُرَاعَاةِ الْأَجْزَاءِ؛ وَكِلَاهُمَا تَحَكُّمٌ بِالْبَاطِلِ؟ وَأَيْضًا: فَيَلْزَمُهُ إذَا اجْتَمَعَ لَهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ تَجِبُ فِيهِمَا عِنْدَهُ الزَّكَاةُ - وَكَانَ الدِّينَارُ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ - فَإِنَّهُ إنْ أَخْرَجَ ذَهَبًا عَنْ كِلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبْعَ دِينَارٍ وَأَقَلَّ عَنْ زَكَاةِ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ أَخْرَجَ دَرَاهِمَ عَنْ كِلَيْهِمَا - وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>