وَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَةً.
فَإِنْ كَانَ هُوَ هَرَبَ أَمَامَ السَّاعِي فَإِنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى حَسْبِ مَا كَانَ عِنْدَهُ فِي كُلِّ عَامٍ؛ فَإِذَا رَجَعَ مَالُهُ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ إلَّا مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ لِسَائِرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَعْوَامِ، وَإِنْ كَانَ السَّاعِي هُوَ الَّذِي تَأَخَّرَ عَنْهُ فَإِنَّهُ تُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاةُ مَا وُجِدَ بِيَدِهِ لِكُلِّ عَامٍ خَلَا - سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهِ فِيمَا خَلَا أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ؛ فَإِذَا رَجَعَ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ كَانَ لَهُ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ عَامَيْنِ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا: إنَّهُ يُزَكِّي لِلْعَامِ الْأَوَّلِ شَاتَيْنِ. وَلِلْعَامِ الثَّانِي شَاةً وَاحِدَةً وَقَالَ هُوَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ - لَا مَالَ لَهُ غَيْرَهَا - فَلَمْ يُزَكِّهَا سَنَتَيْنِ فَصَاعِدًا: إنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ صَارَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا فِيهَا هَذَا نَصُّ كَلَامِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ زَكَاتُهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ فَقَطْ؟ وَقَالَ زُفَرُ: عَلَيْهِ زَكَاتُهَا لِكُلِّ عَامٍ أَبَدًا. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَظَاهِرُ التَّنَاقُضِ، وَتَقْسِيمٌ فَاسِدٌ، لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ. وَمَا الْعَجَبُ إلَّا مِنْ رِفْقِهِمْ بِالْهَارِبِ أَمَامَ الْمُصَدِّقِ وَتَحَرِّيهِمْ الْعَدْلَ فِيهِ وَشِدَّةِ حَمْلِهِمْ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي، فَيُوجِبُونَ عَلَيْهِ زَكَاةً أَلْفَ نَاقَةٍ لِعَشْرِ سِنِينَ؛ وَلَمْ يَمْلِكْهَا إلَّا سَنَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا مَلَكَ فِي سَائِرِ الْأَعْوَامِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَقَطْ.
وَاحْتَجُّوا فِي هَذَا بِأَنَّ هَكَذَا زَكَّى النَّاسُ إذْ أَجْمَعُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا مُعَاوِيَةَ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَعْطِيَةِ وَمَعَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ؛ وَقَلَّدُوا هَاهُنَا سُعَاةَ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، كَمَرْوَانَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَمَا هُنَالِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute