للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ تَغَلُّبُ الْكُفَّارِ عَلَى بَلَدِ نَخْلٍ فَمِنْ الْمُحَالِ تَكْلِيفُ رَبِّهَا أَدَاءَ زَكَاةِ مَا أَخْرَجَتْ، وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ، يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَإِعْطَاؤُهُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ تَعَدٍّ مِنْهُ، فَهُوَ ضَامِنٌ لَمَا تَعَدَّى فِيهِ - قَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بِمِثْلِ هَذَا كُلِّهِ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَدْفُونُ بِتَلَفِ مَكَانِهِ فِي مَنْزِلِهِ أَدَّى زَكَاتَهُ؛ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَنْزِلِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ. وَهَذَا تَقْسِيمٌ فَاسِدٌ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِ زَكَّاهُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ وَإِنْ غَابَ عَنْهُ سِنِينَ. وَهَذَا قَوْلٌ ظَاهِرُ الْخَطَأِ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً إلَّا أَنَّهُمْ قَلَّدُوا فِي ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي قَوْلٍ لَهُ رَجَعَ إلَيْهِ، وَكَانَ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْهُ لِكُلِّ سَنَةٍ خَلَتْ؟ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ قَلَّدُوا عُمَرَ هَاهُنَا، وَلَمْ يُقَلِّدُوهُ فِي رُجُوعِهِ إلَى الْقَوْلِ بِالزَّكَاةِ فِي الْعَسَلِ؛ وَإِنَّمَا قَالَ عُمَرُ بِالْقَوْلِ الَّذِي قَلَّدُوهُ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى الزَّكَاةَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ حِينَ يُفَادُ فَخَالَفُوهُ هَاهُنَا وَهَذَا كُلُّهُ تَخْلِيطٌ، وَقَالَ سُفْيَانُ: - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ - وَأَبُو سُلَيْمَانَ: عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِكُلِّ سَنَةٍ خَلَتْ؟ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ: إيجَابُ الزَّكَاةِ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، فَدَلَّ (ذَلِكَ) عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَرَيَانِ الزَّكَاةَ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؟

<<  <  ج: ص:  >  >>