كَسْكَرَ أَوْ إلَى الْفَرَمَا أَوْ الطُّورِ؟ وَلِمَ جَعَلَ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ. وَالظُّهْرَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا؟ وَلِمَ جَعَلَ الْحِمَارَ طَوِيلَ الْأُذُنَيْنِ وَالْجَمَلَ صَغِيرَهُمَا وَالْفَأْرَ طَوِيلَ الذَّنَبَ وَالثَّعْلَبَ كَذَلِكَ وَالْمِعْزَى قَصِيرَةَ الذَّنَبِ وَالْأَرْنَبَ كَذَلِكَ؟ وَلِمَ صَارَ الْإِنْسَانُ يُحْدِثُ مِنْ أَسْفَلُ رِيحًا فَيَلْزَمُهُ غَسْلُ وَجْهِهِ وَذِرَاعَيْهِ وَمَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ، وَلَا يَغْسِلُ مَخْرَجَ تِلْكَ الرِّيحِ؟ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ مِنْ سُؤَالِ الْعُقَلَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُشْبِهُ اعْتِرَاضَاتِ الْعُلَمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ هُوَ سُؤَالُ نَوْكَى الْمُلْحِدِينَ وَحَمْقَى الدَّهْرِيِّينَ الْمُتَحَيِّرِينَ الْجُهَّالِ. وَإِذَا أَحَلْنَاكُمْ وَسَائِرَ خُصُومِنَا عَلَى الْعِيَانِ وَمُشَاهَدَةِ الْحَوَاسِّ فِي انْتِقَالِ الْأَسْمَاءِ بِانْتِقَالِ الصِّفَاتِ الَّتِي فِيهَا تَقُومُ الْحُدُودُ، ثُمَّ أَرَيْنَاكُمْ بُطْلَانَ الصِّفَاتِ الَّتِي لَا تَجِبُ تِلْكَ الْأَسْمَاءُ - عِنْدَكُمْ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ كُلِّ مَنْ عَلَى أَدِيمِ الْأَرْضِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا - عَلَى تِلْكَ الْأَعْيَانِ إلَّا بِوُجُودِهَا، ثُمَّ أَحَلْنَاكُمْ عَلَى الْبَرَاهِينِ الضَّرُورِيَّةِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ كَمَا شَاءَ، فَاعْتِرَاضُكُمْ كُلُّهُ هَوَسٌ وَبَاطِلٌ يُؤَدِّي إلَى الْإِلْحَادِ.
فَقَالُوا: فَمَا تَقُولُونَ فِي فِضَّةٍ خَالَطَهَا نُحَاسٌ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِيهَا أَثَرٌ وَلَا غَيْرِهَا، أَتُزَكَّى بِوَزْنِهَا وَتُبَاعُ بِوَزْنِهَا فِضَّةً مَحْضَةً أَمْ لَا؟ قُلْنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: الْقَوْلُ فِي هَذَا كَالْقَوْلِ فِي الْمَاءِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ وَلَا فَرْقَ، إنْ بَقِيَتْ صِفَاتُ الْفِضَّةِ بِحَسَبِهَا وَلَمْ يَظْهَرْ لِلنُّحَاسِ فِيهَا أَثَرٌ، فَإِنَّهَا تُزَكَّى بِوَزْنِهَا وَتُبَاعُ بِوَزْنِهَا مِنْ الْفِضَّةِ، لَا بِأَقَلَّ وَلَا بِأَكْثَرَ وَلَا نَسِيئَةً، وَإِنْ غَلَبَتْ صِفَاتُ النُّحَاسِ حَتَّى لَا يَبْقَى لِلْفِضَّةِ أَثَرٌ، فَهُوَ كُلُّهُ نُحَاسٌ مَحْضٌ لَا زَكَاةَ فِيهِ أَصْلًا سَوَاءٌ كَثُرَتْ تِلْكَ الْفِضَّةُ الَّتِي اسْتَحَالَتْ فِيهِ أَوْ لَمْ تَكْثُرْ، وَجَائِزٌ بَيْعُهُ بِالْفِضَّةِ نَقْدًا وَنَسِيئَةً بِأَقَلَّ مِمَّا خَالَطَهُ مِنْ الْفِضَّةِ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ وَبِأَكْثَرَ، وَإِنْ ظَهَرَتْ صِفَاتُ النُّحَاسِ وَصِفَاتُ الْفِضَّةِ مَعًا فَهُوَ نُحَاسٌ وَفِضَّةٌ، تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ، خَاصَّةً إنْ بَلَغَتْ خَمْسَ أَوَاقٍ وَإِلَّا فَلَا، كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ، وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ تِلْكَ الْجُمْلَةِ بِفِضَّةٍ مَحْضَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute