وَقَالَ: إنْ اسْتَغْنَى الْمِسْكِينُ مِمَّا أَخَذَ مِمَّا عَجَّلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَجْزَأَ صَاحِبَ الْمَالِ؛ فَإِنْ اسْتَغْنَى مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْ عَنْ صَاحِبِ الْمَالِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يُجْزِئُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ بِشَهْرَيْنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، لَا أَكْثَرَ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ - وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ فَكَمَا قُلْنَا نَحْنُ، وَهَذِهِ (كُلُّهَا) تَقَاسِيمُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إجْمَاعٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ يَصِحُّ، وَلَا قِيَاسٍ.
وَقَوْلُ اللَّيْثِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ: كَقَوْلِنَا. وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ تَعْجِيلَهَا بِحُجَجٍ -: مِنْهَا: الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي زَكَاةِ الْمَوَاشِي، فِي هَلْ تُجْزِئُ قِيمَةٌ أَمْ لَا؟ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَقَضَاهُ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ جَمَلًا رَبَاعِيًا» ؟ وَهَذَا لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ، لِأَنَّهُ اسْتِسْلَافٌ كَمَا تَرَى، لَا اسْتِعْجَالَ صَدَقَةٍ؛ بَلْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعْجِيلَهَا لَا يَجُوزُ، إذْ لَوْ جَازَ لَمَا احْتَاجَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى الِاسْتِقْرَاضِ؛ بَلْ كَانَ يَسْتَعْجِلُ زَكَاةً لِحَاجَتِهِ إلَى الْبِكْرِ، وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ حُجِّيَّةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ فَأَذِنَ لَهُ» .
قَالَ أَبُو دَاوُد رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ زَاذَانَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute