للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ثنا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا وَكِيعٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْسَعَ، وَالْبُرُّ أَفْضَلُ مِنْ التَّمْرِ - يَعْنِي فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ - فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنَّ أَصْحَابِي سَلَكُوا طَرِيقًا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْلُكَهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ كَانَ لَا يُخْرِجُ إلَّا التَّمْرَ، أَوْ الشَّعِيرَ، وَلَا يُخْرِجُ الْبُرَّ، وَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي عَمَلِهِ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ أَصْحَابِهِ؛ فَهَؤُلَاءِ هُمْ النَّاسُ الَّذِينَ يُسْتَوْحَشُ مِنْ خِلَافِهِمْ وَهُمْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، بِأَصَحِّ طَرِيقٍ، وَإِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ الْإِجْمَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا إذَا وَجَدُوهُ.

وَعَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ إذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَرْسَلَ صَدَقَةَ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ أَهْلِهِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ قَالَ: كَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا يُخْرِجُ إلَّا تَمْرًا " يَعْنِي فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ.

فَهَؤُلَاءِ: ابْنُ عُمَرَ، وَالْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ، وَعُرْوَةُ: لَا يُخْرِجُونَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ إلَّا التَّمْرَ، وَهُمْ يَقْتَاتُونَ الْبُرَّ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّ أَمْوَالَهُمْ لَتَسَعُ إلَى إخْرَاجِ صَاعِ دَرَاهِمَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي أَمْوَالِهِمْ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَإِنْ قِيلَ: هُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؟ قُلْنَا: مَا خَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُكْمِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ أَهْلِ الصِّينِ، وَلَا بَعَثَ إلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ.

وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ إجَازَةِ مَالِكٍ إخْرَاجَ الذُّرَةِ، وَالدَّخَنِ، وَالْأُرْزِ لِمَنْ كَانَ ذَلِكَ قُوتَهُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ أَصْلًا، وَمَنَعَ مِنْ إخْرَاجِ الدَّقِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْأَخْبَارِ؛ وَمَنَعَ مِنْ إخْرَاجِ الْقَطَانِيِّ وَإِنْ كَانَتْ قُوتَ الْمُخْرِجِ، وَمَنَعَ مِنْ التِّينِ، وَالزَّيْتُونِ، وَإِنْ كَانَا قُوتَ الْمُخْرِجِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ، وَخِلَافٌ لِلْأَخْبَارِ، وَتَخَاذُلٌ فِي الْقِيَاسِ، وَإِبْطَالُهُمْ لِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ الْبُرَّ أَفْضَلُ مِنْ الشَّعِيرِ، وَلَا شَكَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>