وَمِنْ طَرِيقِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِنْ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ لَهَا: إنْ كَانَتْ لَكِ أُوقِيَّةٌ فَلَا تَحِلُّ لَكِ الصَّدَقَةُ، قَالَ مَيْمُونُ: وَالْأُوقِيَّةُ حِينَئِذٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْأَوَّلُ عَمَّنْ لَمْ يُسَمَّ، وَلَا يُدْرَى صِحَّةُ صُحْبَتِهِ، وَالثَّانِي عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْمَالِكِيِّينَ - الْمُقَلَّدِينَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَحْرِيمِ الْمَنْكُوحَةِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى ذَلِكَ النَّاكِحِ فِي الْأَبَدِ، وَقَدْ رَجَعَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ، وَفِي سَائِرِ مَا يَدَّعُونَ أَنَّ خِلَافَهُ فِيهِ لَا يَحِلُّ كَحَدِّ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ، وَتَأْجِيلِ الْعِنِّينِ سَنَةً -: أَنْ يُقَلِّدُوهُ هَاهُنَا، وَكَذَلِكَ الْحَنَفِيُّونَ، وَلَكِنْ لَا يُبَالُونَ بِالتَّنَاقُضِ وَاحْتَجَّ مَنْ حَدَّ الْغِنَى بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَتْ خُمُوشًا أَوْ كُدُوحًا فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِيهِ. قَالَ: خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ حِسَابُهَا مِنْ الذَّهَبِ» قَالَ سُفْيَانُ: وَسَمِعْتُ زُبَيْدًا يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَعَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، قَالَ مَنْ حَدَّثَهُ: عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ: عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَالَ الْحَكِيمُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالُوا كُلُّهُمْ؛ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَوْ عِدْلُهَا مِنْ الذَّهَبِ؟ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ - وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ سَاقِطٌ، وَلَمْ يُسْنِدْهُ زُبَيْدٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ.
وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ - الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ وَالْمُعَظِّمِينَ خِلَافَ الصَّاحِبِ، وَالْمُحْتَجِّينَ بِشَيْخٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ عَنْ عُمَرَ فِي رَدِّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ مِنْ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute