للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابُهُ إذَا صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ وَقَالُوا: نُطَهِّرُ صِيَامَنَا؟ فَهَؤُلَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: عُمَرُ، وَأَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٌ، وَجَابِرٌ، وَعَلِيٌّ: يَرَوْنَ بُطْلَانَ الصَّوْمِ بِالْمَعَاصِي، لِأَنَّهُمْ خَصُّوا الصَّوْمَ بِاجْتِنَابِهَا وَإِنْ كَانَتْ حَرَامًا عَلَى الْمُفْطِرِ، فَلَوْ كَانَ الصِّيَامُ تَامًّا بِهَا مَا كَانَ لِتَخْصِيصِهِمْ الصَّوْمَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا مَعْنًى، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

وَمِنْ التَّابِعِينَ: مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَا أَصَابَ الصَّائِمُ شَوًى إلَّا الْغِيبَةَ، وَالْكَذِبَ.

وَعَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ: الصِّيَامُ جُنَّةٌ؛ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا صَاحِبُهَا، وَخَرْقُهَا: الْغِيبَةُ؟ وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: إنَّ أَهْوَنَ الصَّوْمِ تَرْكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؟ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الْكَذِبُ يُفْطِرُ الصَّائِمَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَسْأَلُ مَنْ خَالَفَ هَذَا عَنْ الْأَكْلِ لِلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالشُّرْبِ لِلْخَمْرِ عَمْدًا: أَيُفْطِرُ الصَّائِمَ أَمْ لَا؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: نَعَمْ؟ فَنَقُولُ لَهُمْ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا فِيهِ؟ قُلْنَا لَهُمْ: وَكَذَلِكَ الْمَعَاصِي؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فِي الصَّوْمِ أَيْضًا بِالنَّصِّ الَّذِي ذَكَرْنَا.

فَإِنْ قَالُوا: وَغَيْرُ الصَّائِمِ أَيْضًا مَنْهِيٌّ عَنْ الْمَعَاصِي؟ قُلْنَا لَهُمْ: وَغَيْرُ الصَّائِمِ أَيْضًا مَنْهِيٌّ عَنْ الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَلَا فَرْقَ؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا نُهِيَ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَا نُبَالِي أَيَّ شَيْءٍ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ؟ قُلْنَا: وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ الْمَعَاصِي فِي صَوْمِهِ وَلَا نُبَالِي بِمَا عَصَى، أَبِأَكْلٍ وَشُرْبٍ، أَمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا أَفْطَرَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ مُفْطِرٌ بِهِمَا؟ قُلْنَا: فَلَا تُبْطِلُوا الصَّوْمَ إلَّا بِمَا أُجْمِعَ عَلَى بُطْلَانِهِ بِهِ وَهَذَا يُوجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تُبْطِلُوهُ بِأَكْلِ الْبَرَدِ وَلَا بِكَثِيرٍ مِمَّا أَبْطَلْتُمُوهُ بِهِ كَالسَّعُوطِ وَالْحُقْنَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؟ فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>