عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ «عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ» .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: ٢١] لَا سِيَّمَا مَنْ كَابَرَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرْضٌ.
وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْأَسْوَدِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، كُلُّهُمْ عَنْ عَائِشَةَ بِأَسَانِيدَ كَالذَّهَبِ؟ وَرُوِّينَاهُ بِأَسَانِيدَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: أُمِّ سَلَمَةَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ، وَحَفْصَةَ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَغَيْرِهِمْ كُلُّهُمْ: عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَادَّعَى قَوْمٌ أَنَّ الْقُبْلَةَ تُبْطِلُ الصَّوْمَ؟ وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ مَكْرُوهَةٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ مُبَاحَةٌ لِلشَّيْخِ، مَكْرُوهَةٌ لِلشَّابِّ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ خُصُوصٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَأَمَّا مَنْ ادَّعَى أَنَّهَا خُصُوصٌ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ، وَمَا يَعْجَزُ عَنْ الدَّعْوَى مَنْ لَا تَقْوَى لَهُ؟ فَإِنْ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ» . قُلْنَا: لَا حُجَّةَ لَكَ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ هَذَا؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ثنا قَالَ: ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا الْفَرَبْرِيُّ ثنا الْبُخَارِيُّ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ثنا أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الشَّيْبَانِيُّ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبَاشِرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرَهَا، قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْلِكُ إرْبَهُ» ؟ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا ذَلِكَ فِي قُبْلَةِ الصَّائِمِ يُوجِبُ أَنَّهُ لَهُ خُصُوصٌ فَقَوْلُهَا هَذَا فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ يُوجِبُ أَنَّهَا لَهُ أَيْضًا خُصُوصٌ، أَوْ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، أَوْ أَنَّهَا لِلشَّيْخِ دُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute