طَرِيقِ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي حَزْرَةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَافْتَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّاسِ اجْتِنَابَ الْبَوْلِ جُمْلَةً، وَتَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ بِالْعَذَابِ، وَهَذَا عُمُومٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ بَوْلٌ دُونَ بَوْلٍ، فَيَكُونُ فَاعِلُ ذَلِكَ مُدَّعِيًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ بِالْبَاطِلِ إلَّا بِنَصٍّ ثَابِتٍ جَلِيٍّ، وَوَجَدْنَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ سَمَّى الْبَوْلَ جُمْلَةً وَالنَّجْوَ جُمْلَةً " الْأَخْبَثَيْنِ " وَالْخَبِيثُ مُحَرَّمٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ أَخْبَثَ وَخَبِيثٍ فَهُوَ حَرَامٌ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا خَاطَبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النَّاسَ فَإِنَّمَا أَرَادَ نَجْوَهُمْ وَبَوْلَهُمْ فَقَطْ. قُلْنَا: نَعَمْ إنَّمَا خَاطَبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النَّاسَ وَلَكِنْ أَتَى بِالِاسْمِ الْأَعَمِّ الَّذِي يَدْخُلُ تَحْتَهُ جِنْسُ الْبَوْلِ وَالنَّجْوِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ قَالَ: إنَّمَا أَرَادَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَجْوَ النَّاسِ خَاصَّةً وَبَوْلَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: بَلْ إنَّمَا أَرَادَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَوْلَ كُلِّ إنْسَانٍ عَلَيْهِ خَاصَّةً لَا بَوْلَ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ فِي النَّجْوِ فَصَحَّ أَنَّ الْوَاجِبَ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا تَحْتَ الِاسْمِ الْجَامِعِ لِلْجِنْسِ كُلِّهِ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ الْعَذَابُ فِي الْبَوْلِ إنَّمَا هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهَا، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَرَّةً رَوَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَرَّةً عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّ ابْنَ رَاهْوَيْهِ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْعَلَاءِ وَيَحْيَى وَأَبَا سَعِيدٍ الْأَشَجَّ رَوَوْهُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ الْأَعْمَشِ فَقَالُوا فِيهِ «كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ» وَهَكَذَا رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ لَا شَيْءَ. أَمَّا رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ فَإِنَّ الْإِمَامَيْنِ شُعْبَةَ وَوَكِيعًا ذَكَرَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَمَاعَ الْأَعْمَشِ لَهُ مِنْ مُجَاهِدٍ فَسَقَطَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute