وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَاسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ ذَلِكَ وَيَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَسْتَيْقِظْ فَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِيمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ: يَقْضِيهِ فِي الْفَرْضِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَائِذِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي الَّذِي يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ قَالَ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مَا ذَكَرْنَا لَكَانَ الْوَاجِبُ الْقَوْلَ بِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ نَسْخِهِ؟ وَبُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] .
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣] كَانَ أَحَدُهُمْ إذَا نَامَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ، وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا إلَى الْقَابِلَةَ، وَرَخَّصَ اللَّهُ لَكُمْ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ هِلَالٍ الرَّقِّيُّ ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَيَّاشٍ - ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ بَاجَدَّا -: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ إذَا نَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَعَشَّى لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا وَلَا يَشْرَبَ لَيْلَتَهُ وَيَوْمَهُ مِنْ الْغَدِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، حَتَّى نَزَلَتْ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَصَحَّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِكُلِّ حَالٍ تَقَدَّمَتْ الصَّوْمَ، وَخَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُوَافِقٌ لِبَعْضِ الْأَحْوَالِ الْمَنْسُوخَةِ، وَإِذْ صَحَّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فَحُكْمُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute