وَمِنْهَا مَا يُسْمَحُ فِيهِ حَتَّى يُجِيزُوا فِيهِ النَّصْرَانِيَّ وَالْفَاسِقَ، كَالْعُيُوبِ فِي الطِّبِّ، فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنْ يَخُصُّوا بَعْضَ هَذِهِ الْحُقُوقِ دُونَ بَعْضٍ بِقِيَاسِ الشَّهَادَةِ فِي الْهِلَالِ عَلَيْهِ. وَنَسْأَلُهُمْ عَنْ قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا فُسَّاقٌ، أَوْ نَصَارَى، أَوْ نِسَاءٌ وَفِيهِمْ عَدْلٌ يَضْعُفُ بَصَرُهُ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَأَمَّا نَحْنُ فَخَبَرُ الْكَافَّةِ مَقْبُولٌ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا أَوْ فُسَّاقًا؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ ضَرُورَةً. فَإِنْ قَالُوا: قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى قَبُولِ عَدْلَيْنِ فِي ذَلِكَ؟ قُلْنَا: لَا، بَلْ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي يَقُولُ: إنْ كَانَ الْجَوُّ صَافِيًا لَمْ أَقْبَلْ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ. فَإِنْ قَالُوا: كَلَامُهُ سَاقِطٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَقِيَاسُكُمْ أَسْقَطُ. فَإِنْ قَالُوا: فَمِنْ أَيْنَ أَجَزْتُمْ فِيهِمَا خَبَرَ الْوَاحِدِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ مِنْ الدِّينِ؛ وَقَدْ صَحَّ فِي الدِّينِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ؛ فَهُوَ مَقْبُولٌ فِي كُلِّ مَكَان، إلَّا حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ لَا يُقْبَلَ إلَّا عَدَدٌ سَمَّاهُ لَنَا. وَأَيْضًا: فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي أَذَانِ بِلَالٍ «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» فَأَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْتِزَامِ الصِّيَامِ بِأَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بِالصُّبْحِ، وَهُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ بِأَنَّ الْفَجْرَ قَدْ تَبَيَّنَ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ثنا أَبُو دَاوُد ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيُّ ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ نَافِعِ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ» . وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا حُسَيْنٌ هُوَ الْجُعْفِيُّ - عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute