للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَا، وَجَاءَ هَذَا الْخَبَرُ فَدَخَلَ فِي نَصِّهِ فِي الْخِطَابِ بِالْحَجِّ: الْعَبْدُ، وَالْأَعْرَابِيُّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ النَّاسِ فَكَانَ بِلَا شَكٍّ نَاسِخًا لِلْحَالَةِ الْأُولَى وَمُدْخِلًا لَهُمَا فِي الْخِطَابِ بِالْحَجِّ ضَرُورَةً وَلَا بُدَّ.

وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ قَدْ احْتَجَّ فَقَالَ: حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَزْوَاجِهِ، وَلَمْ يَحُجَّ بِأُمِّ وَلَدِهِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذِهِ كِذْبَةٌ شَنِيعَةٌ لَا نَجِدُهَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ أَبَدًا وَإِنَّ التَّسَهُّلَ فِي مِثْلِ هَذَا لَعَظِيمٌ جِدًّا -: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: عَهْدُنَا بِهِمْ يَقُولُونَ فِي النَّفْيِ فِي الزِّنَا، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ السُّنَنِ مِثْلَ: لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ، وَفِي خَبَرِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا تَخْصِيصٌ لِلْقُرْآنِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْقُرْآنِ، وَكَذَبُوا فِي كُلِّ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ يَقُولُوا فِي هَذَا الْخَبَرِ: هَذَا تَخْصِيصٌ لِلْقُرْآنِ، وَهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا خِلَافٌ لِمَا فِي الْقُرْآنِ.

وَعَهْدُنَا بِهِمْ يَرُدُّونَ السُّنَنَ الثَّابِتَةَ بِدَعْوَى الِاضْطِرَابِ: كَخَبَرِ الْقَطْعِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ، وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَبُوا فِي ذَلِكَ؛ ثُمَّ احْتَجُّوا (فِي ذَلِكَ) بِهَذَا الْخَبَرِ الَّذِي لَا نَعْلَمُ خَبَرًا أَشَدَّ اضْطِرَابًا مِنْهُ.

وَهُمْ يَتْرُكُونَ السُّنَنَ لِلْقِيَاسِ: كَخَبَرِ الْمُصَرَّاةِ، وَخَبَرِ الْقُرْعَةِ فِي السِّتَّةِ الْأَعْبُدِ، وَهُمْ هَاهُنَا قَدْ تَرَكُوا الْقِيَاسَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْعَبْدَ مُخَاطَبٌ بِالْإِسْلَامِ وَبِالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، فَمَا الَّذِي مَنَعَ (مِنْ) أَنْ يُخَاطَبَ بِالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ؛ ثُمَّ يَقُولُونَ: الْعَبْدُ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ فَإِذَا حَضَرَهَا صَارَ مِنْ أَهْلِهَا وَأَجْزَأَتْهُ، فَهُمْ قَالُوا هَاهُنَا: إنَّ الْعَبْدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ إذَا حَضَرَهُ صَارَ مِنْ أَهْلِهِ وَأَجْزَأَهُ وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ: مَنْ نَوَى تَطَوُّعًا بِحَجِّهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْفَرْضِ، وَأَقَلُّ حَالِ حَجِّ الْعَبْدِ: أَنْ يَكُونَ تَطَوُّعًا فَهَلَّا أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: هُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ؟ قُلْنَا: قَدْ جَمَعْتُمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ الْكَذِبَ وَخِلَافَ الْقُرْآنِ إذْ لَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدًا مِنْ حُرٍّ، وَالتَّنَاقُضَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا بِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّفَ وَلَا يَلْزَمُهُ إحْرَامٌ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>