بِالْجِسْمِ؛ إذْ لَوْ كَانَ تَعَالَى أَرَادَ قُوَّةَ الْجِسْمِ لَمَا احْتَاجَ إلَى ذِكْرِهَا؛ لِأَنَّنَا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.
وَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ} [النحل: ٧] فَصَحَّ أَنَّ الرِّحْلَةَ شِقُّ الْأَنْفُسِ بِالضَّرُورَةِ وَلَا يُكَلِّفُنَا اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .
وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ فِي اسْتِطَاعَةِ السَّبِيلِ إلَى الْحَجِّ: زَادٌ وَرَاحِلَةٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا: زَادٌ، وَبَعِيرٌ: وَمِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] قَالَ: زَادٌ، وَرَاحِلَةٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] قَالَ: مِلْءُ بَطْنِهِ، وَرَاحِلَةٌ يَرْكَبُهَا - وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَأَحَدُ قَوْلَيْ عَطَاءٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَادَّعَوْا فِي هَذَا أَنَّهُ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا أَصْلًا؛ لِأَنَّنَا قَدْ رُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute