للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ - أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَا جَمِيعًا: مَنْ مَرَّ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ بِالْمَدِينَةِ أَهَلَّ مِنْ مُهِلِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ؛ وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَهْلُ مِصْرَ، وَمَنْ مَرَّ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي الْمِيقَاتِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا يُوجِبُ عَلَيْهِمْ تَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ إلَى الْجُحْفَةِ؛ وَمِنْهُ مَنْ كَانَتْ طَرِيقُهُ عَلَى غَيْرِ الْمَوَاقِيتِ فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: إذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ لَزِمَهُ أَنْ يُحْرِمَ - وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ - وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ شَكَوْا إلَى عُمَرَ فِي حَجِّهِمْ أَنَّ " قَرْنَ الْمَنَازِلِ " جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِهِمْ؛ فَقَالَ لَهُمْ: اُنْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ؟ فَحَدَّ لَهُمْ " ذَاتَ عِرْقٍ ".

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمُسْنَدَ فِي تَوْقِيتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ آنِفًا فَإِنَّمَا حَدَّ لَهُمْ عُمَرُ مَا حَدَّ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَوْ لَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ لَمَا كَانَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ وَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا " وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ".

وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ تَوْقِيتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلَمْلَمُ؛ فَرِوَايَةُ مَنْ سَمِعَ، وَعَلِمَ: أَتَمُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ سَمِعَ بَعْضًا وَلَمْ يَسْمَعْ بَعْضًا؟ وَبُرْهَانٌ آخَرُ -: وَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ الْأُمَّةِ مُجْمِعُونَ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ طَرِيقُهُ لَا يَمُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَوَاقِيتِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ قَبْلَ مُحَاذَاةِ مَوْضِعِ الْمِيقَاتِ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا إذَا حَاذَى مَوْضِعَ الْمِيقَاتِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَلْزَمُهُ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ فَرْضٌ بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ.

وَمِنْهُ مَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ يُرِيدُ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً فَلَمْ يُحْرِمْ وَأَحْرَمَ بَعْدَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَة قَالَ: هُوَ مُسِيءٌ وَيَرْجِعُ إلَى مِيقَاتِهِ فَيُلَبِّي مِنْهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ؛ فَإِنْ رَجَعَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>