شَعْرِهَا، وَقَدْ تَمَّتْ الْعُمْرَةُ وَحَلَّ لَهُمَا كُلُّ مَا كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِمَا بِالْإِحْرَامِ مِنْ لِبَاسٍ وَغَيْرِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا خِلَافَ فِيمَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي أَشْيَاءَ نُبَيِّنُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهِيَ: وُجُوبُ الْخَبَبِ فِي الطَّوَافِ، وَجَوَازُ تَنْكِيسِ الطَّوَافِ بِأَنْ يَلْقَى الْبَيْتَ عَلَى الْيَمِينِ، وَوُجُوبُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ -: بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْمُشْرِكُونَ إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا فَأَطْلَعَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى ذَلِكَ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْمُلُوا وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ» فَهَذَا أَمْرٌ وَاجِبٌ -: وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قُدَامَةَ نَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ - عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَرْمُلُ الثَّلَاثَ وَيَمْشِي الْأَرْبَعَ وَيَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ - فَهَذَا بَيَانُ الرَّمَلِ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ، وَأَنَّ الرَّمَلَ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْأَشْوَاطِ جَائِزٌ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الرَّمَلِ: لَيْسَ سُنَّةً، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ؟ قُلْنَا: لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَسْأَلُكُمْ مَا قَوْلُكُمْ، وَقَوْلُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِيهِمْ لَوْ أَنَّهُمْ إذْ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَرْمُلُوا؟ يَقُولُونَ لَهُ: لَا نَفْعَلُ - وَقَدْ أَعَاذَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ - أَعُصَاةً كَانُوا يَكُونُونَ أَمْ مُطِيعِينَ؟ وَأَمَّا وُجُوبُهُ -: فَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمَكْحُولٍ، لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَمَلٌ مِنْ طُرُقٍ لَوْ شِئْنَا لَتَكَلَّمَنَا فِي أَكْثَرِهَا لِضَعْفِهَا.
وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٍ، لَيْسَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ شَيْءٌ - وَعَنْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا الثَّقَفِيُّ هُوَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ - عَنْ حَبِيبٍ هُوَ ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ - عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ الْمُجَاوِرِ إذَا أَهَلَّ مِنْ مَكَّةَ هَلْ يَسْعَى الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ؟ قَالَ: إنَّهُمْ يَسْعَوْنَ قَالَ: فَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْآفَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute