للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ فَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ؛ أَوْ بِقِرَانِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَفْسَخَ إهْلَالَهُ ذَلِكَ بِعُمْرَةٍ يَحِلُّ إذَا أَتَمَّهَا، لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ ثُمَّ إذَا أَحَلَّ مِنْهَا ابْتَدَأَ الْإِهْلَالَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا مِنْ مَكَّةَ وَهَذَا يُسَمَّى: مُتَمَتِّعًا.

وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ سَاقَهُ مَعَ نَفْسِهِ فَنَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ يُشْعِرَ هَدْيَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْإِبِلِ، وَهُوَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِحَدِيدَةٍ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى يُدْمِيَهُ ثُمَّ يُقَلِّدَهُ، وَهُوَ أَنْ يَرْبِطَ نَعْلًا فِي حَبْلٍ وَيُعَلِّقُهَا فِي عُنُقِ الْهَدْيِ وَإِنْ جَلَّلَهُ بِجَلٍّ فَحَسَنٌ، فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ مِنْ الْغَنَمِ فَلَا إشْعَارَ فِيهِ لَكِنْ يُقَلِّدُهُ رُقْعَةَ جِلْدٍ فِي عُنُقِهِ؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْبَقَرِ فَلَا إشْعَارَ فِيهِ وَلَا تَقْلِيدَ كَانَتْ لَهُ أَسْنِمَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ.

ثُمَّ يَقُولُ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ مَعًا، لَا يُجْزِئُهُ إلَّا ذَلِكَ وَلَا بُدَّ؛ وَإِنْ قَالَ: لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ؛ أَوْ لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، أَوْ حَجَّةً وَعُمْرَةً؛ أَوْ نَوَى كُلَّ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ وَهَذَا يُسَمَّى: الْقِرَانَ.

وَمَنْ سَاقَ مِنْ الْمُعْتَمِرِينَ الْهَدْيَ فَعَلَ فِيهِ مِنْ الْإِشْعَارِ، وَالتَّقْلِيدِ مَا ذَكَرْنَا؛ وَنُحِبُّ لَهُ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَشْتَرِطَ فَيَقُولَ عِنْدَ إهْلَالِهِ: اللَّهُمَّ إنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَأَصَابَهُ أَمْرٌ مَا يَعُوقُهُ عَنْ تَمَامِ مَا خَرَجَ لَهُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَحَلَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لَا هَدْيَ وَلَا قَضَاءَ إلَّا إنْ كَانَ لَمْ يَحُجَّ قَطُّ وَلَا اعْتَمَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتَهُ.

بُرْهَانُ مَا ذَكَرْنَا -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَجٍّ، وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا أَوَّلُ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذِي الْحُلَيْفَةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِمْ وَإِرَادَتِهِمْ الْإِهْلَالَ بِلَا شَكٍّ، إذْ هُوَ نَصُّ الْحَدِيثِ -: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>