قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلِأَبِي الْأَسْوَدِ الْمَذْكُورِ حَدِيثٌ آخَرُ فِي هَذَا الْبَابِ لَا خَفَاءَ بِفَسَادِهِ، وَهُوَ خَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ نَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ تَقُولُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَاهُنَا، وَنَحْنُ يَوْمئِذٍ خِفَافٌ قَلِيلٌ ظَهْرُنَا قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا فَاعْتَمَرْت أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ؛ فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنْ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ تَعْتَمِرْ فِي عَامِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَبْلَ الْحَجِّ أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ - وَهِيَ حَائِضٌ - حَاضَتْ بِسَرَفٍ وَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ إلَّا بَعْدَ أَنْ طَهُرَتْ يَوْمَ النَّحْرِ هَذَا أَمْرٌ فِي شُهْرَةِ الشَّمْسِ؛ وَلِذَلِكَ رَغِبَتْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَعْمُرَهَا بَعْدَ الْحَجِّ فَأَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كُلِّهَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ: عُرْوَةُ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ.
وَبَلِيَّةٌ أُخْرَى فِي هَذَا الْخَبَرِ وَهِيَ قَوْلُهُ فِيهِ: ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنْ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، كُلَّهُمْ رَوَوْا: أَنَّ الْإِحْلَالَ كَانَ يَوْمَ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ إهْلَالَهُمْ بِالْحَجِّ كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ - وَهُوَ يَوْمُ مِنًى - وَبَيْنَ يَوْمِ إحْلَالِهِمْ يَوْمَ إهْلَالِهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كُتُبِنَا وَذَكَرَهَا النَّاسُ وَكُلُّ مَنْ جَمَعَ فِي الْمُسْنَدِ؛ فَظَهَرَ عَوَارُ رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ.
وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَا هَدْيَ لَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ» وَأَنَّهُمْ فَسَخُوهُ، وَلَا يُعْدَلُ أَبُو الْأَسْوَدِ بِالزُّهْرِيِّ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ نَا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي صِفَةِ حَجَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute