للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاخْتَلَفَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا كَمَا أَوْرَدْنَا، فَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُوَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ.

وَلَا حُجَّةَ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ إعَادَةَ الْأَذَانِ لِلْعِشَاءِ هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ عُمَرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ تَعَشَّيَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ، وَلَا أَخْبَرَا: أَنَّ إعَادَتَهُمَا الْأَذَانَ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ الْعِشَاءِ، فَهِيَ دَعْوَى فَاسِدَةٌ؟ فَإِنْ قِيلَ: قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إذَا صُلِّيَتْ الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا، وَالْأُخْرَى فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ؟ قُلْنَا: الْقِيَاسُ بَاطِلٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَارَضَ مَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِيَاسٍ فَاسِدٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِنَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَسَالِمٍ ابْنِهِ، وَعَطَاءٍ، كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ سَالِمٍ: الْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، فَلَقِيت نَافِعًا فَقُلْت لَهُ: هَكَذَا كَانَ يَصْنَعُ عَبْدُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَقِيت عَطَاءً فَقُلْت لَهُ؟ فَقَالَ: قَدْ كُنْت أَقُولُ لَهُمْ: لَا صَلَاةَ إلَّا بِإِقَامَةٍ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْهُ، فَهِيَ سِتَّةُ أَقْوَالٍ -: أَحَدُهُمَا: الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَالثَّانِي:

الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ - وَصَحَّ أَيْضًا: عَنْ ابْنِ عُمَرَ -: وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي بَكْرٍ بْنِ دَاوُد - وَصَحَّ بِهِ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالثَّالِثُ: الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ فَقَطْ؛ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَصَحَّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سُفْيَانَ، وَأَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ وَصَحَّ بِهِ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالرَّابِعُ:

الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ - رُوِيَ عَنْ عُمَرَ؛ وَصَحَّ عَنْ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - وَصَحَّ بِهِ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالْخَامِسُ:

الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَسَالِمٍ ابْنِهِ، وَعَطَاءٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ نَأْخُذُ - وَصَحَّ بِذَلِكَ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالسَّادِسُ:

الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ صَحَّ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرُوِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>