للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيَّ قَالَا: يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ أَوَّلِ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا فِي الْجَمْرَةِ؟ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ مِنْ الْجَمْرَةِ لِأَنَّهُ نَصُّ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا «حَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» وَلَوْ كَانَ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، لَقَالَا: حَتَّى بَدَأَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحُذَافِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُهِلُّ وَهُوَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقُلْت لَهُ: فِيمَا الْإِهْلَالُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: وَهَلْ قَضَيْنَا نُسُكَنَا بَعْدُ؟ وَهُوَ الْمَفْهُومُ الظَّاهِرُ مِنْ فِعْلِ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ: إنَّ الْحَاجَّ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا أَتَمَّ ذَلِكَ عَاوَدَهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَقْطَعُهَا - وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: نَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ نَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ فَذَكَرَ «حَدِيثَ حَجَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلْبِيَتَهُ» فَصَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَقْطَعْهَا -: وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّفَا قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إنَّ نَاسًا يَنْهَوْنَ عَنْ الْإِهْلَالِ فِي هَذَا الْمَكَانِ؟ فَقَالَ: لَكِنِّي آمُرُك بِهِ؛ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ.

فَإِنْ ذَكَرُوا: مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>