للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِنَّمَا أَقَامَ [رَسُولُ اللَّهِ]- عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَكَّةَ أَرْبَعًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ رَجَعْنَا عَنْ هَذَا الْقَوْلِ إلَى أَنَّهُ إنْ أَقَامَ بِأَهْلِهِ بِمَكَّةَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَأَقَلَّ فَلَيْسَ مِمَّنْ أَهْلُهُ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا مُذْ يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَى أَنْ يُهِلُّ بِالْحَجِّ فَهُوَ مِمَّنْ أَهْلُهُ حَاضِرُوا الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ لَيْلَةً يُقْصِرُ الصَّلَاةَ.

وَإِنْ كَانَ مَكِّيٌّ لَا أَهْلَ لَهُ أَصْلًا، أَوْ لَهُ أَهْلٌ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَتَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ أَوْ الصَّوْمُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ أَهْلُهُ حَاضِرُوا الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

وَالْأَهْلُ: هُمْ الْعِيَالُ خَاصَّةً هَاهُنَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قُرَيْشٍ فَإِنَّ أَهْلَهُمْ كَانُوا بِمَكَّةَ - يَعْنِي أَقَارِبَهُمْ - فَلَمْ يُسْقِطْ هَذَا عَنْهُمْ حُكْمَ الْهَدْيِ أَوْ الصَّوْمِ الَّذِي عَلَى الْمُتَمَتِّعِ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ رَأْسٌ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ الْبَقَرِ، أَوْ شِرْكٌ فِي بَقَرَةٍ أَوْ نَاقَةٍ بَيْنَ عَشْرَةٍ فَأَقَلَّ سَوَاءٌ كَانُوا مُتَمَتِّعِينَ أَوْ بَعْضُهُمْ، أَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُرِيدُ نَصِيبَهُ لَحْمًا لِلْأَكْلِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ لِنَذْرٍ أَوْ لِتَطَوُّعٍ فَلِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] وَاسْمُ الْهَدْيِ يَقَعُ عَلَى الشَّاةِ، وَالْبَقَرَةِ، وَالْبَدَنَةِ.

وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ فِي ذَلِكَ الشَّاةَ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ فَرُوِيَ عَنْهَا مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - وَرُوِيَ عَنْهَا أَيْضًا، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ شَاةٌ وَأَنَّهُ إنَّمَا فِي ذَلِكَ النَّاقَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ.

كَمَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيِّ - عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْت إلَى أَهْلِك أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ شَاةٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَسْأَلُ عَنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ - وَهُمْ يَذْكُرُونَ الشَّاةَ - فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: شَاةٌ شَاةٌ، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ؛ لَا؛ بَلْ بَقَرَةٌ، أَوْ نَاقَةٌ - وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>