وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَرُوِيَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ؛ وَأَشَارَ نَحْوَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَهَا هُنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: نَا جَهْمُ بْنُ وَاقِدٍ الْأَنْصَارِيُّ سَأَلَتْ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَقُلْتُ: قَرَنْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَقَالَ: تَطُوفُ طَوَافَيْنِ بِالْبَيْتِ وَيُجْزِئُك سَعْيٌ وَاحِدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ هَذَا فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَرَى السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ؛ فَلِذَلِكَ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُ سَعْيٌ وَاحِدٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لِلْحَجِّ وَحْدَهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا مَا شَغَبَ بِهِ، مَنْ يَرَى أَنْ يَطُوفَ الْقَارِنُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَاقِطٌ كُلُّهُ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا رَوَوْا فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَلَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكِنَّهُ عَمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ التَّابِعِينَ صَحِيحٌ إلَّا عَنْ الْأَسْوَدِ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ الْجُعْفِيُّ.
أَمَّا حَدِيثُ الضَّبِّيِّ بْنِ مَعْبَدٍ فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يُدْرِكْ الضَّبِّيَّ، وَلَا سَمِعَ مِنْهُ، وَلَا أَدْرَكَ عُمَرَ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الثِّقَاتُ: مُجَاهِدٌ، وَمَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الضَّبِّيِّ - فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ طَوَافًا، وَلَا طَوَافَيْنِ، وَلَا سَعْيًا، وَلَا سَعْيَيْنِ أَصْلًا؛ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَقَطْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَمُرْسَلٌ؛ ثُمَّ هُوَ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ؛ وَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِرِوَايَتِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَعَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ، وَيس، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ جِدًّا فِي غَايَةِ السُّقُوطِ، فَسَقَطَ كُلُّ ذَلِكَ، وَتَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ.
وَوَاللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - عُذْرًا لِمَنْ يُعَارِضُ رِوَايَةَ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِوَايَةُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ هَذِهِ الْعُفُونَاتِ الذَّفِرَةِ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute