للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ بَدَأَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ الْوُسْطَى، ثُمَّ الْأُخْرَى قَالَ: فَسَأَلْت فُقَهَاءَ مَكَّةَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ؟ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ صَدَقَةَ قَالَ: سَأَلْت طَاوُسًا، وَمُجَاهِدًا عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ؟ قَالَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَدَاوُد، وَأَصْحَابِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ غَيْرُ هَذَا -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا سَلَّامُ بْنُ مُطِيعٍ وَهُوَ أَبُو الْأَحْوَصِ - عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ حَجِّهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ مِنْ حَجِّهِ أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ فَعَلَيْهِ دَمٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَهْرَقَ دَمًا، وَقَرَأَ {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] .

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ صَدَقَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَوَاهِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَأَمَّا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ فِي أَنَّ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ: فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ الْفِدْيَةُ، وَاحْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] فَغَفْلَةٌ مِمَّنْ احْتَجَّ بِهَذَا؛ لِأَنَّ مَحِلَّ الْهَدْيِ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ بِمِنًى ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ، أَوْ لَمْ يَذْبَحْ وَلَا نَحْرَ إذَا دَخَلَ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْهَدْيُ بِمِنًى أَوْ بِمَكَّةَ فَقَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ فَحَلَّ الْحَلْقُ، وَلَمْ يَقُلْ - تَعَالَى -: حَتَّى تَنْحَرُوا أَوْ تَذْبَحُوا، وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ سِوَاهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ عَمَّنْ ذَكَرْنَا -: فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ أَوْ يَذْبَحَ فَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>