للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى فَأَذِنَ لَهُ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَأَهْلُ السِّقَايَةِ مَأْذُونٌ لَهُمْ مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ، وَبَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمِنًى وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْمَبِيتِ بِهَا، فَالْمَبِيتُ بِهَا سُنَّةٌ، وَلَيْسَ فَرْضًا، لِأَنَّ الْفَرْضَ إنَّمَا هُوَ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّ إذْنَهُ لِلرِّعَاءِ وَتَرْخِيصَهُ لَهُمْ وَإِذْنَهُ لِلْعَبَّاسِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُمْ بِخِلَافِهِمْ؟ قُلْنَا: لَا وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ هَذَا لَوْ تَقَدَّمَ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمْرٌ بِالْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ، فَكَانَ يَكُون هَؤُلَاءِ مُسْتَثْنَيْنَ مِنْ سَائِرِ مَنْ أُمِرُوا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ أَمْرٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَنَحْنُ نَدْرِي أَنَّ هَؤُلَاءِ مَأْذُونٌ لَهُمْ، وَلَيْسَ غَيْرُهُمْ مَأْمُورًا بِذَلِكَ وَلَا مَنْهِيًّا فَهُمْ عَلَى الْإِبَاحَةِ -: رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ أَيَّامَ مِنًى " وَصَحَّ هَذَا عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ هَذَا؛ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَبِيتَ بِغَيْرِ مِنًى أَيَّامَ مِنًى، وَلَمْ يَجْعَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ فِدْيَةً أَصْلًا.

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا بَأْسَ لِمَنْ كَانَ لَهُ مَتَاعٌ بِمَكَّةَ أَنْ يَبِيتَ بِهَا لَيَالِي مِنًى.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا رَمَيْت الْجِمَارَ فَبِتْ حَيْثُ شِئْت.

وَبِهِ إلَى إبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ نَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى فِي ضَيْعَتِهِ.

وَعَنْ مُجَاهِدٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِمَكَّةَ وَآخِرَهُ بِمِنًى أَوْ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِمِنًى وَآخِرَهُ بِمَكَّةَ - وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ بَاتَ لَيَالِيَ مِنًى بِمَكَّةَ تَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ أَوْ نَحْوِهِ.

وَعَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا يَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ إذَا لَمْ يَبِتْ بِمِنًى.

<<  <  ج: ص:  >  >>