للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَالِمًا عَامِدًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، أَوْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَخَلَّى الْبَعْضَ عَالِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ: فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى، وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ فُسُوقٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْفُسُوقَ يُبْطِلُ الْإِحْرَامَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - وَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ الْكَفَّارَةَ إلَّا عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ لِمَرَضٍ، أَوْ أَذًى بِهِ فَقَطْ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوجَبَ فِدْيَةٌ، أَوْ غَرَامَةٌ، أَوْ صِيَامٌ، لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ شَرْعٌ فِي الدِّينِ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يَجُوزُ قِيَاسُ الْعَاصِي عَلَى الْمُطِيعِ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا فَكَيْفَ وَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ؟ وَأَمَّا مَنْ قَطَعَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ مَا لَا يُسَمَّى بِذَلِكَ حَالِقًا بَعْضَ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْصِ وَلَا أَتَى مُنْكَرًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنْهَ الْمُحْرِمَ إلَّا عَنْ حَلْقِ رَأْسِهِ وَنَهَى جُمْلَةً عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ حَلْقِ بَعْضِ الرَّأْسِ دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ الْقَزَعُ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ شَعْرِهِ وَتَرَكَ بَعْضَهُ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: احْلِقُوا كُلَّهُ، أَوْ اُتْرُكُوا كُلَّهُ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ لَا تَصِحُّ، مِنْهَا -: مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ أَنْصَارِيٍّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ أَنْ يَحْلِقَ وَيُهْدِيَ بَقَرَةً» وَهَذَا مُرْسَلٌ عَنْ مَجْهُولٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّ كَعْبًا ذَبَحَ بَقَرَةً بِالْحُدَيْبِيَةِ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ: أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ مِثْلُ الَّذِي أَصَابَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنًا لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَمَّا كَانَ أَبُوهُ ذَبَحَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي فِدْيَةِ رَأْسِهِ؟ فَقَالَ: بَقَرَةً - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ.

وَمِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلَ عُمَرُ ابْنًا لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ بِمَاذَا افْتَدَى أَبُوهُ؟ فَقَالَ بِبَقَرَةٍ - سُلَيْمَانَ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>