سَوَاءٌ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ: فِيهِ حُكُومَةٌ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ: فِيهِ قِيمَتُهُ - وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْأَرْنَبِ، وَالضَّبِّ، وَالْيَرْبُوعِ قِيمَتُهُ يُبْتَاعُ بِهِ طَعَامٌ - وَهَذَا خَطَأٌ لَمْ يُوجِبْهُ الْقُرْآنُ، وَلَا السُّنَّةُ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا قِيَاسٌ.
فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا عَلَى الْأَضَاحِيِّ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْجَذَعُ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ وَلَا مَا دُونَ الْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ؟ قُلْنَا: الْقِيَاسُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكُنْتُمْ أَوَّلَ مُخَالِفٍ لِهَذَا الْقِيَاسِ لِأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إنَّ الْكَبْشَ، وَالتَّيْسَ، أَفْضَلُ فِي الْأَضَاحِيِّ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَإِنَّ الذَّكَرَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْأُنْثَى، وَتَقُولُونَ فِي الْهَدْيِ كُلِّهِ: إنَّ الْإِبِلَ، وَالْبَقَرَ: أَفْضَلُ مِنْ الضَّأْنِ، وَالْمَاعِزِ، وَإِنَّ الْإِنَاثَ أَفْضَلُ فِيهَا مِنْ الذُّكُورِ؛ فَمَرَّةً تَقِيسُونَ حُكْمَ بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ، وَمَرَّةً تُفَرِّقُونَ بَيْنَ أَحْكَامِهَا بِلَا نَصٍّ وَلَا دَلِيلٍ.
فَإِنْ قَالُوا: قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُجْزِئُ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ أَبِي بُرْدَةَ» .
قُلْنَا: نَعَمْ، وَاَلَّذِي أَخْبَرَ بِهَذَا هُوَ الَّذِي أَخْبَرَنَا عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى بِإِيجَابِ مِثْلِ الصَّيْدِ الْمَقْتُول مِنْ النَّعَمِ، وَلَيْسَ بَعْضُ كَلَامِهِ أَوْلَى بِالطَّاعَةِ مِنْ بَعْضٍ، بَلْ كُلُّهُ فُرِضَ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْهُ لِشَيْءٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَلَمْ يَنْهَ قَطُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ مَا دُونَ الْجَذَعِ بِاسْمِهِ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ بَعْضُ مَا دُونَ الْجَذَعِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَاةٍ لَمْ يُجْزِ فِيمَا جَاءَ فِيهِ النَّصُّ بِإِيجَابِ شَاةٍ فَقَطْ.
وَأَمَّا الْجَذَعَةُ فَلَا تُجْزِئُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا عُمُومٌ، إلَّا حَيْثُ أُوجِبَتْ بِاسْمِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، فَقَطْ، مَعَ أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ، وَالْمَاعِزِ، وَالْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ: لَا مَعْنَى لِمُرَاعَاتِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ إنَّمَا يُرَاعَى الْمِثْلُ فِي الْقَدِّ وَالصُّورَةِ لَا مَا لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ فَرِّ الْأَسْنَانِ - فَصَحَّ أَنَّ الْجَذَعَةَ لَا تُجْزِئُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ فِي الْوَرَلِ: شَاةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute