النَّعَامَةِ، وَفِي وَلَدِ أَصْغَرِ الطَّيْرِ إلَى حِمَارِ الْوَحْشِ: إطْعَامُ ثَلَاثَةِ مَسَاكِينَ فَقَطْ.
وَأَمَّا الصِّيَامُ فَلَا صِيَامَ فِي الْإِسْلَامِ أَقَلُّ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ، فَفِي كُلِّ صَغِيرٍ مِنْهَا صَوْمُ يَوْمٍ فَقَطْ؛ فَإِنْ كَانَ يُشْبِعُ بِكِبَرِ جِسْمِهِ إنْسَانَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ: فَلِكُلِّ آكِلٍ صَوْمُ يَوْمٍ كَمَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّ هَذَا قَوْلٌ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ سَلَفَ؟ قُلْنَا: نَحْنُ لَا نَدَّعِي الْإِحَاطَةَ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ جَمِيعِهِمْ وَالتَّابِعِينَ كُلِّهِمْ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ؟ بَلْ نَقُولُ وَنَقْطَعُ: أَنَّ مَنْ ادَّعَى الْإِحَاطَةَ بِأَقْوَالِهِمْ فَقَدْ كَذَبَ كَذِبًا مُتَيَقَّنًا لَا خَفَاءَ بِهِ، وَلَا نُنْكِرُ الْقَوْلَ بِمَا أَوْجَبَهُ الْقُرْآنُ أَوْ السُّنَّةُ وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ رِوَايَةٌ عَنْ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ لَنَا قَطُّ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَقُولُوا بِمَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنَّ إنْسَانًا قَالَ بِمَا فِيهِمَا؛ بَلْ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ وَكَبِيرَةٌ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: ٣] .
وَالنَّاسُ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْجَرَادِ -: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ» .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ حَمَّادٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا مِثْلُهُ.
وَعَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ الْجَرَادَ نَثْرُ حُوتٍ يَنْثُرُهُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ، وَأَبَاحَ أَكْلَهُ لِلْمُحْرِمِ وَصَيْدَهُ؛ فَهَذَا قَوْلٌ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا هُشَيْمٌ نَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ كَعْبٌ: ذُكِرَ لِعُمَرَ أَنِّي أَصَبْت جَرَادَتَيْنِ وَأَنَا مُحْرِمٌ فَقَالَ لِي عُمَرُ: مَا نَوَيْت فِي نَفْسِك؟ قُلْت: دِرْهَمَيْنِ، فَقَالَ عُمَرُ: تَمْرَتَانِ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَتَيْنِ، امْضِ لِمَا نَوَيْت فِي نَفْسِك.
فَهَذَا عُمَرُ، وَكَعْبٌ: جَعَلَا فِي الْجَرَادَةِ دِرْهَمًا - فَهَذَا قَوْلٌ آخَرُ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ فِي مُحْرِمٍ أَصَابَ جَرَادَةً: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute