عَنْ أَخْذِ الْجَرَادِ فِي الْحَرَمِ قَالَ: لَوْ عَلِمُوا مَا فِيهِ مَا أَخَذُوهُ، فَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ كَمَا أَوْرَدْنَا، فَمَا الَّذِي جَعَلَ بَعْضَهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ؟ وَأَمَّا الْخَبَرُ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَوْضُوعٌ بِلَا شَكٌّ لِأَنَّ فِي أَحَدِ طَرِيقَيْهِ أَبَا الْمُهَزِّمِ وَهُوَ هَالِكٌ - وَفِي الْأُخْرَى مَيْمُونُ بْنُ جَابَانَ وَهُوَ مَجْهُولٌ.
وَبِالْعِيَانِ يَرَى النَّاسُ الْجَرَادَ يَبِيضُ فِي الْبَرِّ وَفِي الْبَرِّ يَفْقِسُ عَنْهُ الْبَيْضُ وَفِي الْبَرِّ يَبْقَى حَتَّى يَمُوتَ، وَأَنَّهُ لَوْ غُمِسَ فِي مَاءٍ عَذْبٍ أَوْ مَلْحٍ لَمَاتَ فِي مِقْدَارِ مَا يَمُوتُ فِيهِ سَائِرُ حَيَوَانِ الْبَرِّ إذَا غُمِسَ فِي الْمَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقُولُ الْكَذِبَ؛ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ بِيَقِينٍ.
وَصَحَّ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ بِلَا شَكٍّ.
وَالْأَقْوَالُ الْبَاقِيَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَكَعْبٍ فِي الْجَرَادَةِ: دِرْهَمٌ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي الْجَرَادَة: تَمْرَةٌ.
وَقَالَ عُمَرُ: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الْجَرَادَةِ: قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ.
وَعَنْ عَطَاءٍ: قَبْضَةٌ أَوْ لُقْمَةٌ.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: كِسْرَةٌ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ: يُطْعِمُ شَيْئًا إنْ أَصَابَهَا عَمْدًا وَإِلَّا فَلَا.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا لَا نِدَّ لَهُ مِنْ النَّعَمِ: ثَمَنُهُ يُهْدِيهِ إلَى مَكَّةَ.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: ثَمَنُهُ - وَالْجَرَادَةُ مِمَّا لَا نِدَّ لَهَا مِنْ النَّعَمِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ: هِيَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.
وَعَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: الْمَنْعُ مِنْ صَيْدِهَا - وَلَمْ يَجْعَلَا فِيهَا شَيْئًا.
فَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُوَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا الرُّجُوعَ إلَيْهِ إذْ يَقُولُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: ٥٩] .