الْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ فَإِنَّ تَفْرِيقَ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ جَزَاءِ الصَّيْدِ؛ فَرَأَى فِيهِ قِيمَتَهُ يَبْتَاعُ مَا بَلَغَتْ مِنْ الْإِهْدَاءِ وَلَوْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَرْبَعَةً وَبَيْنَ جَزَاءِ السِّبَاعِ فَلَمْ يَرَ فِيهَا إلَّا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ شَاةً فَقَطْ لَا يَزِيدُ عَلَى وَاحِدَةٍ: عَجَبٌ لَا نَظِيرَ لَهُ؟ ، وَدِينٌ جَدِيدٌ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، وَقَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ. وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ. وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ يُعْرَفُ قَبْلَهُ.
وَلَا قِيَاسٍ. وَلَا رَأْيٍ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ السَّدَادِ.
وَكَذَلِكَ تَفْرِيقُ مَالِكٍ بَيْنَ صِغَارِ الْغِرْبَانِ، وَالْحُدَيَّا، وَبَيْنَ صِغَارِ الْعَقَارِبِ، وَالْحَيَّاتِ، وَبَيْنَ سِبَاعِ الطَّيْرِ، وَبَيْنَ سِبَاعِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ.
فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا سِبَاعَ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ عَلَى الْكَلْبِ الْعَقُورِ؟ قُلْنَا: فَهَلَّا قِسْتُمْ سِبَاعَ الطَّيْرِ عَلَى الْحِدَأَةِ؟ أَوْ هَلَّا قِسْتُمْ سِبَاعَ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ عَلَى الضَّبُعِ وَعَلَى الثَّعْلَبِ عِنْدَكُمْ؟ وَاحْتَجُّوا فِي الْقِرْدَانِ بِأَنَّهَا مِنْ الْبَعِيرِ؟ .
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا كَلَامٌ فَاحِشُ الْفَسَادِ لِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَاطِلٌ وَمَا كَانَتْ الْقِرْدَانُ قَطُّ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَا عُلِمَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى إحْرَامٌ عَلَى بَعِيرٍ وَلَوْ أَنَّ مُحْرِمًا أَنْزَى بَعِيرَهُ عَلَى نَاقَةٍ أَوْ أَنْزَى بَعِيرًا عَلَى نَاقَتِهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، فَكَيْفَ أَنْ يُعَذَّبَ بِأَكْلِ الْقِرْدَانِ لَهُ؟ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَاحْتَجُّوا فِي الْقَمْلَةِ بِأَنَّهَا مِنْ الْإِنْسَانِ؟ فَقُلْنَا: فَكَانَ مَاذَا؟ وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الصُّفَارَ مِنْ الْإِنْسَانِ وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ، وَقَالُوا: هُوَ إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ فَكَانَ مَاذَا؟ وَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ فِي إمَاطَةِ الْأَذَى بِغَيْرِ حَلْقِ الرَّأْسِ بِشَيْءٍ وَأَنْتُمْ لَا تَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ تَعْصِيرَ الدُّمَّلِ وَحَكَّ الْجِلْدِ وَغَسْلَ الْقَذَى عَنْ الْعَيْنِ وَقَتْلَ الْبَرَاغِيثِ إمَاطَةُ أَذًى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ عِنْدَكُمْ؛ وَإِذْ قِسْتُمْ إمَاطَةَ الْأَذَى حَيْثُ اشْتَهَيْتُمْ عَلَى إمَاطَةِ الْأَذَى بِحَلْقِ الرَّأْسِ فَاجْعَلُوا فِيهَا مَا فِي إمَاطَةِ الْأَذَى بِحَلْقِ الرَّأْسِ وَإِلَّا فَقَدْ خَلَطْتُمْ وَتَنَاقَضْتُمْ وَأَبْطَلْتُمْ قِيَاسَكُمْ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا الْبَابُ كُلُّهُ مَرْجِعُهُ إلَى شَيْئَيْنِ، أَحَدُهُمَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] الْآيَةَ - وَإِلَى مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قِيلَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَقْتُلُ مِنْ الدَّوَابِّ إذَا أَحْرَمْنَا؟ قَالَ: خَمْسٌ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ: الْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute