وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا لَيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ " أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقُولُ: «إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ فَلَا يَحِلَّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهَا فَقُولُوا لَهُ: إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ؟ وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ يَنْهَ عَنْ إرْعَاءِ الْمَوَاشِي: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بِكَرَاهِيَةِ الرَّعْيِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ - وَهَذَا تَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى - وَأَبَاحَ مَالِكٌ أَخْذَ السَّنَى وَسَائِرِ حَشِيشِ الْحَرَمِ - وَهَذَا أَيْضًا خِلَافُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّنَى وَبَيْنَ سَائِرِ حَشِيشِ الْحَرَمِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسُفْيَانُ: بِإِيجَابِ الْجَزَاءِ عَلَى قَاطِعِ شَجَرِ الْحَرَمِ - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْغُصْنِ فَمَا فَوْقَهُ إلَى الدَّوْحَةِ: قِيمَةُ ذَلِكَ، فَإِنْ بَلَغَ هَدْيًا أَهْدَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ هَدْيًا فَقِيمَتُهُ طَعَامًا يَتَصَدَّقُ بِهِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعِ حِنْطَةٍ، أَوْ صَاعُ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ صِيَامٌ.
وَقَالَ زُفَرُ: يَتَصَدَّقُ بِالْقِيمَةِ وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صِيَامٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: رُوِّينَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ فِي الدَّوْحَةِ بَدَنَةٌ.
وَعَنْ عَطَاءٍ فِيهَا بَقَرَةٌ، وَفِي الْوَتَدِ مُدٌّ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ فِي الدَّوْحَة: بَقَرَةٌ.
وَعَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ فِي الدَّوْحَةِ سِتَّةُ دَنَانِيرَ، أَوْ خَمْسَةٌ، أَوْ سَبْعَةٌ يَتَصَدَّقُ بِهَا بِمَكَّةَ - وَمَا نَعْلَمُ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ فِي قَوْلِهِمَا سَلَفًا.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ: لَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ - وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute