وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ ثنا يَعْقُوبُ هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ثنا عَنْ صَالِحٍ هُوَ ابْنُ كَيْسَانَ - عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيْ رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْت أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ أَفِيهَا أَجْرٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَسْلَمْت عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْرٍ» . فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] . وَقَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «إنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَإِنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَإِنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» . قُلْنَا: إنَّ كَلَامَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُعَارِضُ كَلَامَهُ وَلَا كَلَامَ رَبِّهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ - وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ مِنْ هَذَا - لَمَا كَانَ بَعْضُهُ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ وَلَبَطَلَتْ حُجَّةُ كُلِّ أَحَدٍ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ لَا يُعَارِضُ الْقُرْآنَ وَلَا السُّنَّةَ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢] فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] فَنَعَمْ هَذَا هُوَ نَفْسُ قَوْلِنَا: إنَّ مَنْ انْتَهَى غُفِرَ لَهُ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ فَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَغْفِرُهُ لَهُ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِالْآيَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» فَحَقٌّ وَهُوَ قَوْلُنَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى جَمِيعِ الطَّاعَاتِ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ عَمَلِ السُّوءِ مِنْ الطَّاعَاتِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْهِجْرَةِ إنَّمَا هِيَ التَّوْبَةُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، كَمَا صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» . حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ ثنا الْبُخَارِيُّ ثنا آدَم بْنُ أَبِي إيَاسٍ ثنا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute