قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ جَعَلَ بَعْضَ أَوَامِرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فَرْضًا وَبَعْضَهَا نَدْبًا فَقَدْ تَحَكَّمَ فِي دِينِ اللَّهِ - تَعَالَى - بِالْبَاطِلِ وَبِمَا لَا يَحِلُّ مِنْ الْقَوْلِ.
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ بَعَثَ بِهَدْيٍ وَقَالَ: كُلْ أَنْتَ وَأَصْحَابَك ثُلُثًا وَتَصَدَّقْ بِثُلُثٍ وَابْعَثْ إلَى آلِ عُتْبَةَ ثُلُثًا.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا: ثُلُثٌ لِأَهْلِك، وَثُلُثٌ لَك، وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ.
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَرَ أَنْ يُدْفَعَ لَهُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ بِضْعَةٌ وَيُتَصَدَّقَ بِسَائِرِهَا.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا يُؤْكَلُ مِنْ الْهَدْيِ -: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: يُؤْكَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مِنْ جَزَاءِ صَيْدٍ وَنَذْرٍ.
وَعَنْ عَلِيٍّ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَلَا مِنْ النَّذْرِ وَلَا مِمَّا جُعِلَ لِلْمَسَاكِينِ.
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ: يُؤْكَلُ مِنْ الْهَدْيِ كُلِّهِ إلَّا مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ - وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُؤْكَلُ مِنْ الْهَدْيِ خَمْسَةٌ: النَّذْرُ، وَالْمُتْعَةُ، وَالتَّطَوُّعُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْمُحْصَرُ، إلَّا الْكَفَّارَاتِ كُلَّهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْهَدْيِ إلَّا الْمُتْعَةُ، وَالْقِرَانُ، وَالتَّطَوُّعُ إذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ - وَقَالَ مَالِكٌ: يُؤْكَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْهَدْيِ إلَّا التَّطَوُّعَ إذَا لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ، وَجَزَاءَ الصَّيْدِ، وَفِدْيَةَ الْأَذَى، وَنَذْرَ الْمَسَاكِينِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ آرَاءٌ مُجَرَّدَةٌ لَا دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا.
وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يُؤْكَلَ مِنْ كُلِّ هَدْيٍ إلَّا مَا جُعِلَ لِلْمَسَاكِينِ. فَقُلْنَا: وَأَيْنَ وَجَدْتُمْ أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ لِلْمَسَاكِينِ، وَأَنَّ هَدْيَ الْمُتْعَةِ وَالْإِحْصَارِ لَيْسَ لِلْمَسَاكِينِ؟
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِسْنَا هَدْيَ الْمُتْعَةِ عَلَى هَدْيِ الْقِرَانِ.