للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَلَكَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَلَكَهَا؛ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمْلِكْهَا فَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهَذَا؛ وَإِنْ كَانَ قَدْ مَلَكَهَا فَلَا حَقَّ لِبَائِعِهَا فِيمَا قَدْ مَلَكَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي بِاخْتِيَارِهِ وَتَرَكُوا هَذَا الِاعْتِرَاضَ بِعَيْنِهِ هُنَا وَأَخَذُوا بِخَبَرٍ مَكْذُوبٍ مُخَالِفٍ لِلْأُصُولِ وَلِلْقُرْآنِ وَلِلسُّنَنِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو الْحَرْبِيُّونَ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مَلَكُوا مَا أَخَذُوا مِنَّا أَوْ لَمْ يَمْلِكُوهُ، فَإِنْ كَانُوا لَمْ يَمْلِكُوهُ فَهَذَا قَوْلُنَا وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِمْ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُرَدَّ إلَى مَالِكِهِ بِكُلِّ حَالٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا بِلَا ثَمَنٍ يُكَلَّفُهُ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ مَلَكُوهُ فَلَا سَبِيلَ لِلَّذِي أُخِذَ مِنْهُ عَلَيْهِ لَا بِثَمَنٍ وَلَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ، لِأَنَّهُ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ وَلَا فَرْقَ؛ فَأَيُّ عَجَبٍ أُعْجِبُ مِنْ هَذَا

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو الَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَلَكَهُ أَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمْلِكْهُ فَهُوَ قَوْلُنَا وَالْوَاجِبُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ.

وَإِنْ قَالُوا: بَلْ مَلَكَهُ. قُلْنَا: فَمَا يَحِلُّ إخْرَاجُ مِلْكِهِ عَنْ يَدِهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ لَا بِثَمَنٍ وَلَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ؛ فَهَلْ سُمِعَ بِأَبْيَنَ فَسَادٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْفَاسِدَةِ وَالتَّنَاقُضِ الْفَاحِشِ وَالتَّحَكُّمِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَا خَفَاءَ بِهِ؟ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ جُمْلَةً؛ إذْ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ أَثَرٌ وَلَا صَحَّحَهُ نَظَرٌ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: يُرَدُّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَا يُرَدُّ بَعْدَهَا. فَقَوْلٌ أَيْضًا لَا يَقُومُ عَلَى صِحَّتِهِ دَلِيلٌ أَصْلًا، لَا مِنْ نَصٍّ وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ، وَلَا مِنْ نَظَرٍ، وَلَا مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا يُرَدُّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَا بَعْدَهَا فَهُوَ أَقَلُّهَا تَنَاقُضًا؛ وَعُمْدَتُهُمْ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ قَدْ مَلَكُوا مَا أَخَذُوا مِنَّا؛ وَلَوْ صَحَّ لَهُمْ هَذَا الْأَصْلُ لَكَانَ قَوْلُهُمْ هُوَ الْحَقَّ، لَكِنْ نَقُولُ لَهُمْ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .

فَأَخْبِرُونَا عَمَّا أَخَذَهُ مِنَّا أَهْلُ الْحَرْبِ أَبِحَقٍّ أَخَذُوهُ أَمْ بِبَاطِلٍ؟ وَهَلْ أَمْوَالُنَا مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ أَوْ مِمَّا حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ؟ وَهَلْ هُمْ ظَالِمُونَ فِي ذَلِكَ أَوْ غَيْرُ ظَالِمِينَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>