فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ دِينٌ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَّا مَنْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَيُقَرَّ عَلَيْهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إلَّا عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ حَتَّى يُبِينَ عَنْهُ لِسَانُهُ» فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَدٌ إلَّا عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى يُعَبِّرَ عَنْ نَفْسِهِ؛ فَمَنْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي إقْرَارِهِ عَلَى مُفَارَقَةِ الْإِسْلَامِ الَّذِي وُلِدَ عَلَيْهِ أَقْرَرْنَاهُ، وَمَنْ لَا لَمْ نُقِرَّهُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ أَحَدٌ عَلَى مُخَالَفَةِ الْإِسْلَامِ إلَّا مَنْ اتَّفَقَ أَبَوَاهُ عَلَى تَهْوِيدِهِ، أَوْ تَنْصِيرِهِ، أَوْ تَمْجِيسِهِ فَقَطْ، فَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُمَجِّسْهُ أَبَوَاهُ، وَلَا نَصَّرَاهُ، وَلَا هَوَّدَاهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مَا وُلِدَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَلَا بُدَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ.
وَقَدْ وَهَلَ قَوْمٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهَذِهِ الْأَخْبَارِ وَهِيَ بَيِّنَةٌ وَهِيَ الْعَهْدُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأَنْفُسِ حِينَ خَلَقَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٧٢]
وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ عَطَاءٍ فِي هَذَا. فَمَرَّةً قَالَ كَقَوْلِنَا: إنَّهُ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَيِّ أَبَوَيْهِ أَسْلَمَ.
وَمَرَّةً قَالَ: هُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ أُمِّهِمْ لَا بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute