للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالزَّكَاةِ، وَمَا يَلْزَمُ أَحَدٌ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ امْرَأَتِهِ، وَلَا أَنْ يُهْدِيَ عَنْهَا هَدْيَ مُتْعَةٍ، وَلَا جَزَاءَ صَيْدٍ، وَلَا فِدْيَةَ حَلْقِ الرَّأْسِ مِنْ الْأَذَى.

ثُمَّ خِلَافُ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ لَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ ظُفْرِهِ شَيْئًا كَمَا ذَكَرْنَا.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ لَا تَكُونُ فَرْضًا وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ فَرْضًا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ: أَنْ لَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ ظُفْرِهِ إذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالْأُضْحِيَّةِ، فَلَمْ نَتَعَدَّ مَا حَدَّ، وَكُلُّ سُنَّةٍ لَيْسَتْ فَرْضًا، فَإِنَّ لَهَا حُدُودًا مَفْرُوضَةً لَا تَكُونُ إلَّا بِهَا كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِصَلَاةٍ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَلَّا يُصَلِّيَهَا إلَّا بِوُضُوءٍ، وَإِلَى الْقِبْلَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا، وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا وَيَرْكَعَ، وَيَسْجُدَ، وَيَجْلِسَ وَلَا بُدَّ، وَكَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُهُ الصَّائِمُ وَإِلَّا فَلَيْسَ صَوْمًا.

وَهَكَذَا كُلُّ تَطَوُّعٍ فِي الدِّيَانَةِ، وَالْأُضْحِيَّةُ كَذَلِكَ إنْ أَدَّاهَا كَمَا أُمِرَ وَإِلَّا فَهِيَ شَاةُ لَحْمٍ وَلَيْسَتْ أُضْحِيَّةً.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَاءَ «مَا حَقُّ امْرِئٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَلِيلًا عِنْدَكُمْ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ فَرْضًا، بَلْ هِيَ عِنْدَكُمْ فَرْضٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نَصٌّ آخَرُ بِإِيجَابِ الْوَصِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>