للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِهَذِهِ فَفِيهَا أَمْرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَضَاحِيِّ بِالنَّحْرِ.

وَلَا يَخْلُو هَذَا مِنْ أَنْ يَكُونَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِالنَّحْرِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، أَوْ فِي الْغَنَمِ، فَإِنْ كَانَ أَمَرَ بِذَلِكَ فِي الْغَنَمِ، فَهَذَا مُبْطِلٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ: إنَّ النَّحْرَ فِي الْغَنَمِ لَا يَحِلُّ، وَلَا يَكُونُ ذَكَاةً فِيهَا، وَإِنْ كَانَ أَمَرَ بِذَلِكَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لَحَسُنَ الْمُحَالُ الْبَاطِلُ الْمُمْتَنِعُ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَحُضُّ أُمَّتَهُ وَأَصْحَابَهُ عَلَى التَّضْحِيَةِ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ مَعَ عَظِيمِ الْكُلْفَةِ فِيهَا وَغُلُوِّ أَثْمَانِهَا وَيَتْرُكُونَ الْأَرْخَصَ وَالْأَقَلَّ ثَمَنًا وَهُوَ أَفْضَلُ، وَهَذِهِ إضَاعَةُ الْمَالِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا التَّضْحِيَةُ بِالْغَنَمِ ضَأْنِهَا وَمَاعِزِهَا رِفْقٌ بِالنَّاسِ لِقِلَّةِ أَثْمَانِهَا وَتَفَاهَةِ أَمْرِهَا وَتَخْفِيفٌ لَهُمْ بِذَلِكَ عَنْ الْأَفْضَلِ الَّذِي هُوَ أَشَقُّ فِي النَّفَقَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ.

وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى أَنَّ الضَّأْنَ أَفْضَلُ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْأَضْحَى: يَا مُحَمَّدُ إنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنْ السَّيِّدِ مِنْ الْمَعْزِ، وَإِنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنْ السَّيِّدِ مِنْ الْبَقَرِ، وَإِنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنْ السَّيِّدِ مِنْ الْإِبِلِ، وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ ذَبْحًا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ لَفَدَى بِهِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» .

وَبِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: «مَرَّ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي فَطِيمَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشٍ أَقَرْنَ أَعْيَنَ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: مَا أَشْبَهَ هَذَا الْكَبْشَ بِالْكَبْشِ الَّذِي ذَبَحَ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» .

وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَنَسٍ.

وَبِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَيْرُ الْأُضْحِيَّةِ الْكَبْشُ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ أَخْبَارٌ مَكْذُوبَةٌ -:

أَمَّا خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ فَعَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، ضَعَّفَهُ جِدًّا وَاطَّرَحَهُ أَحْمَدُ، وَأَسَاءَ الْقَوْلَ فِيهِ جِدًّا وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>