وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَدْبٌ فَقَدْ كَذَبَ، وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَيَكْفِيه أَنَّ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمْ يَحْمِلُوا نَهْيَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ أَنْ يُصْبِحَ فِي بُيُوتِهِمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا عَلَى الْفَرْضِ وَلَمْ يُقْدِمُوا عَلَى مُخَالَفَتِهِ إلَّا بَعْدَ إذْنِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاتْرُكُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَعَمَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْإِطْعَامِ فَجَائِزٌ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ كُلَّ آكِلٍ، إذْ لَوْ حُرِّمَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لَبَيَّنَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] ، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] وَادِّخَارُ سَاعَةٍ فَصَاعِدًا يُسَمَّى ادِّخَارًا.
وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِمَّنْ يَسْتَخْرِجُ بِعَقْلِهِ الْقَاصِرِ وَرَأْيِهِ الْفَاسِدِ عِلَلًا لِأَوَامِر اللَّهِ تَعَالَى وَأَوَامِرِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهَا إلَّا دَعْوَاهُ الْكَاذِبَةُ، ثُمَّ يَأْتِي إلَى حُكْمٍ جَعَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُوجِبًا لِحُكْمٍ آخَرَ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ، وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَهْدَ الْحَالَّ بِالنَّاسِ مُوجِبًا لِئَلَّا يَبْقَى عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ شَيْءٌ بَعْدَ ثَالِثَةٍ فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى ذَلِكَ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ هَذَا.
فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيم الْحَرْبِيِّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى عَنْ الْوَلِيدِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا ثُلُثًا وَنَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا وَنُطْعِمَ الْجِيرَانَ ثُلُثَهَا» . فَطَلْحَةُ مَشْهُورٌ بِالْكَذِبِ الْفَاضِحِ، وَعَطَاءٌ لَمْ يُدْرِكْ ابْنَ مَسْعُودٍ وَلَا وُلِدَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ مُسَارِعِينَ إلَيْهِ، لَكِنْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: أَمَرَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يُرْفَعَ لَهُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ بَضْعَةٌ وَيُتَصَدَّقَ بِسَائِرِهَا.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَهْمِ نَا أَحْمَدُ بْنُ فَرَجٍ نَا الْهَرَوِيُّ نَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءٍ.
عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute